Tuesday, January 04, 2011

إذ تختفي مصر خلف نظير جيد

محمود سلطان :

جوقة "المتثاقفين" و"المتأقبطين" في مصر، حصرت محنة البلد كلها اليوم في "البابا شنودة"!.
تتحدث بتبتل عن دموع "الحبرالاعظم" وتتكلم وهي بـ"تسبل" عيونها الحالمة، عن حزن مصر كلها لـ"حزنه النبيل".. ترتيل الكنائس.. وتسابيح المساجد، كلها تنتظر بسمة حانية من ثغر البابا الحزين! البلد كلها واقفة على "رجل" بسبب "جرحه النازف".. غابت مصر كلها وتضاءلت واختفت تماما خلف صورة البابا المتضخمة في خطاب المتأقبطين من ادعياء الثقافة!
.....
اختفت أسر الضحايا .. لم يتذكرهم أحد، وظهر "دنجوانات" الفضائيات، وهم يتحدثون بالكلام المنشي.. وأثرياء الفتن الطائفية من الأقباط.. لتتحول دماء القتلى إلى "سبوبة" لصنع بطولات زائفة.. أو ترجمتها إلى مواقف تلفت انتباه حامل الشيكات الطائفي!

المدهش أن الكل قدم العزاء للبابا شنودة.. رغم أن الضحايا مواطنون مصريون.. وكان من المفترض أن يقدم العزاء للرئيس مبارك.. الدولة كلها برموزها انتقلت إلى حيث يقيم البابا لتقديم واجب العزاء.. وكأن المسيحيين المصريين مواطنون تابعون للكنيسة وليس لمصر.. وكأن البابا هو "الرئيس" للشعب القبطي وليس الرئيس مبارك!

الدولة افتكرت البابا فقط.. لم يشغلها إلا شاغل كرسي الكاتدرائية .. وقدمت له واجب العزاء!
........
المهم هو "البابا".. فكل شئ ـ مهما كانت أهميته ـ يختفي خلف صورة البابا المتضخمة على صدارة المشهد والتي لا تترك للأبطال الحقيقيين فرصة للظهور ولو من قبيل استكمال الصورة!
البابا لا يحتاج إلى من يواسيه.. فهو محاط بالمئات من الكهنة والقساوسة القائمين على خدمته وعددهم يكفي لشغل فراغه وتخفيف آلامه بل وتسليته حتى لا يشعر بالملل.. فضلا عن إعلام وكتاب متخصصين في التزلف إليه ودغدغة مشاعره..أسر الضحايا هم الذين يحتاجون إلى من يواسيهم ومساندتهم إلى أن تتعافى قلوبهم الجريحة ونفوسهم المتعبة.. وليس المترفين في قصورهم القلاعية.


نقلا عن "المصريون" :إذ تختفي مصر خلف صورة البابا!