Thursday, August 23, 2007

المحطة الخامسة : الأمر من الرسول يفيد الوجوب

قد يخلط البعض بين مفهوم السنة النبوية التي يقصد به أقوال وأفعال النبي وما أقر عليه الصحابة وما سكت عنه وبين الحكم الفقهي المذكور في كتب العبادات والمعاملات بوصف واحدة من هذه العبادات والمعاملات بأنها سنة من أراد أن يفعلها فليفعلها وله أجر ومن أراد أن يتركها فليتركها وليس عليه شيء وهو المعروف أحيانا بمصطلح المستحب أو المندوب إليه شرعا

فيسقط السنة النبوية بأكملها في باب الاستحباب ويجعلها من باب الفضائل المدعو إليها شرعاً والغير ملزمة ولا واجبة .. فإذا قلت له قال رسول الله كذا .. فيقول .. : طيب مش الرسول اللي قال تبقى سنة مش فرض ..

وهذا الخلط ليس في محله فالسنة النبوية والتي يقصد بها أقوال وأفعال النبي منها ما هو واجب ومنها ما هو مستحب .. والنهي من النبي صلى الله عليه وسلم ملزم مثله مثل النهي من الله عز وجل .. يقول تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا}

فنفى الاختيار الإرادي (الخيرة) في أمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم واضح في هذه الآية بالإضافة لما نص عليه القرآن من أوامر توجب إتباع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم تخصص هذه الآيات بعض أوامر النبي دون الأخرى .. بل جاءت الآيات بإطلاق وتكررت في أكثر من موضع {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ } فاستفدنا من هذا الإطلاق الغير مقيد أن أي أمر لرسول صلى الله عليه وسلم واجب التنفيذ ما لم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن أمره للاستحباب

قال تعالى : {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}

وقال تعالى { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ }

بل وتعلق الإيمان بالجمع بين طاعة الله عز وجل وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم فقال تعالي : { وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}

وليست أي طاعة ولكنه تعالى ألزمنا بطاعة من نوع خاص لتحقيق الإيمان وهي التي يصاحبها التسليم الكامل التام الذي لا يصاحبه أي شيء في النفس قال تعالى : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا}

وحذر المخالف لأمر رسول الله بالعذاب والفتنة { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

كل هذا يؤكد على وجوب وإلزام ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأن ما أمر به رسول الله .. مثل ما أمر به الله تعالى

وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على أن أمره لا يرده مسلم وأن العمل بأوامره ونواهيه واجب مثله مثل العمل بأوامر ونواهي القرآن الكريم

قال صلى الله عليه وسلم : لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول : بيننا وبينكم هذا القرآن فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه . ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه ، وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حرم الله تعالى

وإذا تأملنا في كثير من أحاديثه صلى الله عليه وسلم نجد مفهوم لهذا المعنى

ففي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لولا أن أشق على أمتي ، أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة .

فلو كان أمره صلى الله عليه وسلم للاستحباب وليس للوجوب .. فلماذا امتنع عن الأمر بالسواك .. لو كان أمره للاستحباب لأمر بالسواك ومن أراد فليفعل ومن أراد فليترك ..

ولكنه بين صلى الله عليه وسلم أنه لو أمر بها لكان أمراً واجبا فخشي معه صلى الله عليه وسلم وقوع المشقة على كثير من المسلمين فيتركوا الأمر فيقعوا عندئذ في معصية مخالفة أمره .. فلم يأمر صلى الله عليه وسلم به

وتأمل أن النبي امتنع عن الأمر بالسواك رغم أنه ليس صلاة ولا صيام ولا زكاة ولا حج .. بل إن أمر السواك وهو من عادات الناس ويتعلق بالنظافة الشخصية والمظهر .. ورغم ذلك لم يأمر به النبي لأنه لو أمر به لكان أمرا شرعيا واجب التنفيذ وتحول من باب العادات إلى باب العبادات .. فكم من حديث صحيح للنبي صلى الله عليه وسلم يرد فيه الأمر فيرده الكثيرون بزعم أن الأمر غير ملزم لأنه يدخل في باب العادات ؟!! غافلين عن تحوله لعبادة بمجرد أمر النبي به ..

وفي مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أيها الناس ! قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل : أكل عام ؟ يا رسول الله ! فسكت . حتى قالها ثلاثا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو قلت : نعم . لوجبت . ولما استطعتم . ثم قال : ذروني ما تركتكم . فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم . فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم . وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه .

فهذا صريح قول النبي صلى الله عليه وسلم بوجوب كلمته .. فلو قال نعم الحج كل عام لوجبت الكلمة على كل من استطاع الحج ان يقوم به كل عام .. فامتنع صلى الله عليه وسلم مرة أخرى عن قول الكلمة حتى لا يقع الوجوب .. ثم بين صلى الله عليه وسلم أن سنته فيها الأمر فأمرنا أن نأتي منه ما استطعنا وفيها النهي ويجب علينا تركه

Tuesday, August 21, 2007

استراحة في الطريق


عزيزي المسافر عزيزتي المسافرة في رحلتنا في طريق الوصول لقبول أحاديث الرسول .. أهلا وسهلاً بكم في استراحتنا خلال الطريق ..

ودلوقتي من ضمن برنامج الرحلة حناخدكم في جولة في الاستراحة وحنعمل لكم عرض بانورامي نحاول نقرب فيه أكتر في كيفية معرفة صحة الحديث من عدمها .. وحنشوف خبرين منسوبين للنبي عليه الصلاة والسلام وهم غير صحيحين .. وحنشوف حنعرف ازاي إنهم مرفوضين .. والمقصود إلقاء الضوء على طريقة مميزة ودقيقة لم يعرف العالم مثلها مبنية على حقائق مادية في تحقيق المرويات وليس على افتراضات أو احتمالات ....

الحديث الأول

جاء في سنن ابن ماجه حدثنا الحسن بن علي الخلال ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا ابن أبي سبرة ، عن إبراهيم بن محمد ، عن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها ، و صوموا نهارها ، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا ، فيقول : ألا من مستغفر لي فأغفر له ، ألا مسترزق فأرزقه ، ألا مبتلي فأعافيه ، ألا كذا ، ألا كذا ، حتى يطلع الفجر

تبدأ نشوف رواة الحديث فنجد أولهم وهو من روى عنه ابن ماجة وهو

الحسن بن علي الخلالوهو الحسن بن على بن محمد الهذلى الخلال ، أبو على ، و قيل أبو محمد ، الحلوانى الريحانى نزيل مكة قال ابن حجر ثقة حافظ له تصانيف وقال الذهبي ثبت حجة وقال النسائى : ثقة. وقال أبو بكر الخطيب : كان ثقة حافظا. و ذكره ابن حبان فى الثقات .توفى فى ذى الحجة بمكة 242 هـ .المزيد عن الحسن بن علي الخلال
عبد الرزاقوهو عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميرى مولاهم ، اليمانى ، أبو بكر الصنعانى
من صغار أتباع التابعين ولد : 126 هـ قال عنه ابن حجر : ثقة حافظ مصنف شهير عمى فى آخر عمره فتغير ، و كان يتشيع قيل لأحمد بن حنبل : رأيت أحدا أحسن حديثا من عبد الرزاق ؟ قال : لا . قال أبو زرعة : عبد الرزاق أحد من ثبت حديثه . ذكره ابن حبان فى " الثقات " ، و قال : كان ممن يخطىء إذا حدث من حفظه على تشيع فيه ، و كان ممن جمع وصنف و حفظ و ذاكر . نلاحظ ان التشيع وقتها غير الآن تماما فقد اتهم وقتها عبد الرزاق بتقديم علي على أبي بكر وعمر في الأفضلية وهو ما كان ينفيه عبد الرزاق عن نفسه .. توفي في عام 211 هـ
المزيد عن عبد الرزاق
ابن ابي سبرة وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة بن أبي رهم الفقيه الكبير ، قاضي العراق حفيد الصحابي البدري ابن ابي سبرة رضي الله عنه ..
قال ابن حجر عن ابن ابي سبرة الراوي : رموه بالوضع وقال الذهبي : متروك وقال عنه على ابن المدينى : كان ضعيفا فى الحديث وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : ليس بشىء ، كان يضع الحديث و يكذب . قال البخارى : ضعيف . قال النسائى : متروك الحديث . و قال الحاكم أبو عبد الله : يروى الموضوعات عن الأثبات توفي عام162 هـ ابن ستين سنة.. المزيد عن ابن أبي سبرة

وبكده مش محتاجين نكمل فالحديث مردود وفي رواته رجل اتهم بالكذب والوضع .. بالإضافة إن إبراهيم بن محمد والذي روى عنه ابن أبي سبرة مش معلوم من هو .. لذلك فالحديث مرفوض ومش حنقبل نسبته للنبي عليه الصلاة والسلام ولا نعمل بيه

الحديث الثاني

رواه الإمام أحمد وذكر مثله عند الترمذي وابن ماجة عن : يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطاه عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة قالت : فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة . فخرجت فإذا هو بالبقيع . فقال أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ قلت : يا رسول الله إني ظننت أنك أتيت بعض نساءك فقال إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيفغر لأكثر من عدد شعر غنم كلب

يزيد بن هارونيزيد بن هارون بن زاذى ، وقيل ابن زاذان بن ثابت ، السلمى من صغار التابعين ولد عام 117 هـ ، و قيل 118 هـ وثقه ابن حجر وقال عنه متقن عابد وقال عنه الذهبي : أحد الأعلام ، قال أحمد : حافظ متقن ، و قال ابن المدينى : ما رأيت أحفظ منه ، و قال العجلى : ثبت متعبد وقال أبو حاتم : ثقة ، إمام صدوق ، لا يسأل عن مثله وذكره ابن حبان فى الثقات ، و قال : كان من خيار عباد الله تعالى ممن يحفظ حديثه ، و كان قد كف فى آخر عمره وتوفي عام 206 هـ .. المزيد من سيرة يزيد بن هارون
الحجاج ابن ارطأةوهو حجاج بن أرطاة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل بن كعب بن سلامان بن عامر بن حارثة بن سعد بن مالك النخعى أبو أرطاة الكوفى القاضى قال عنه ابن حجر أنه أحد الفقهاء صدوق كثير الخطأ و التدليس ،(مش شتيمة دي المقصود بيها إنه بيلخبطنا) وقال الذهبي فيه: أحد الأعلام ، على لين فيه . . . قال أحمد : كان من حفاظ الحديث . . . و قال أبو حاتم : صدوق يدلس ، فإذا قال حدثنا فهو صالح ... توفي في عام 145 هـ بخراسان .. المزيد من سيرته
يحيى ابن كثير وهو يحيى بن أبى كثير الطائى من صغار التابعين وثقه ابن حجر وقال عنه ثبت لكنه يدلس وذكره الذهبي على إنه أحد الأعلام ، وقال عنه : كان من العباد العلماء الأثبات وذكره ابن حبان فى كتاب الثقات، وقال : كان من العباد إذا حضر جنازة لم يتعش تلك الليلة و لا يقدر أحد من أهله يكلمه توفي عام 132 هـ ...المزيد عن سيرة يحيى ابن أبي كثير
عروة بن الزبير وهو عروة بن الزبير بن العوام وهو تابعي ولد في السنة السادسة من ولاية عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. قال عنه ابن سعد : كان فقيها عالما كثير الحديث ثبتا مأمونا وثقه الحافظ ابن حجر وقال عنه الزهرى : كان عروة بحرا لا تكدره الدلاء وقال عنه سفيان بن عيينة : كان أعلم ثلاثة بحديث عائشة وقال ابن حبان عنه فى الثقات : كان من أفاضل أهل المدينة و عقلائهم . توفي في عام 94 هـ المزيد من سيرة
المزيد عن عروة بن الزبير


وبعد البحث في أحوال رواة الحديث وهل هم ثقات أم لا .. تبين لنا أن كلهم ثقات فننتقل للمرحلة الثانية ونبحث في اتصال السند

أولا فيه حاجة لازم ناخد بالنا منها في وصف الحجاج بن أرطأة لأن الحجاج رحمه الله ماقالش (حدثنا) ولا (أخبرنا) ولا (أنبأنا) ولا (سمعت) دا قال (عن) .. و(عن) دي هي المقصود بيها العنعنة يعني الحديث اللي يبقى فيه أخبرنا فلان انبأنا علان وحدثنا ترتان .. دا ما يبقاش عنعنة ... العنعنة هي اللي فيها عن فلان عن علان .. وعن دي غامضة مش مفهوم هل صاحبها سمع مباشرة من الراوي ولا سمع عن طريق وسيط عشان كده لازم ندقق وراها ونبحث عشان نتأكد

البخاري رحمه الله عمل كده وبين لنا أن يحيى بن أبي كثير لم يسمع من عروة (نلاحظ أن يحيى قال : عن عروة ولم يقل أخبرنا ) . والحجاج بن أرطاه لم يسمع من يحيى بن أبي كثير . ذكر ذلك الترمذي في السنن

وعليه فبرغم أن رواة الحديث كلهم ثقات .. فمع ذلك فالحديث ضعيف .. لأن هناك رواة سقطوا من سلسلة الرواة أي أن هناك وسيط بين الحجاج ويحي وبين يحي وعروة ولم يذكرا في السلسلة .. ولأننا مش عارفين من دول واحد أو أكثر من رواة الحديث فإن الحديث يصبح منقطعاً وبالتالي فالحديث ضعيف

وبكده تنتهي استراحتنا وممكن دلوقتي نكمل طريقنا ..

المحطة اللي جاية : أمر الرسول للوجوب

Saturday, August 18, 2007

المحطة الرابعة : تدوين السنة

حمل الرومان بعد رفع المسيح عليه السلام على اتباعه من المسيحيين حملة شديدة وتعرضت المسيحية في تلك الفترة للإضطهاد من أباطرة الرومان أذاقوا خلالها المسيحيين العذاب بكافة ألوانه .. واستمر هذا الاضطهاد قرابة الثلاثمائة عام صدرت خلالها المراسيم التي تحث على اضهاد المسيحين واستمرت حتى عصر الامبراطور الروماني دقلديانوس الذي أمر بحرق الأناجيل والكتابات المسيحية ومنع المسيحيين من التجمع أو القيام بأى صلوات أو طقوس دينية , و قتل كل الرجال و النساء والأولاد الذين يرفضون تقديم القرابين للآلهة الرومانية.

لذلك لم يستطع أتباع المسيحية تدوين الأنجيل من فم المسيح مباشرة .. لأن هذه الكتابات كانت أوراق تدين حاملها وتعرضها للتنكيل من قبل الرومان .. لذلك لم يتم تدوين الأناجيل مباشرة وإنما تم تسجيلها من خلال تعاليم تلاميذ المسيح عليه السلام والذين يطلق عليهم في المسيحية الرسل

يقول ديورانت في كتابه قصة الحضارة : أن الأناجيل كتبت بين عامي 60 و 120 ميلادية وأن تلك الأناجيل فقدت وأن أقدم النسخ التي لدى الكنيسة ترجع إلى القرن الثالث مع ما اعتراها تحريفات في النقل والترجمة مقصودة أو غير مقصودة وتعرضت الأصول المكتوبة إلى أخطاء في النقل والنسخ المقصود وغير المقصود

وحتى بعدما استطاع المسيحيين كتابة أول أناجيلهم بعد 30 عام من رفع المسيح لم يكن الأمر بالصورة المرجوة فقد كان أكبر المبشرين بالمسيحية وأحد أعمدتها ومؤسس شريعتها هو بولس الذي لم يقابل المسيح عليه السلام بل كان هو نفسه أحد المحاربين للمسيحية وساهم في السطو على الكنائس و في اتهام أتباع المسيح بالزندقة و تعذيبهم وسجنهم ولكنه آمن بالمسيحية بعد سنوات من رفع المسيح .. ورغم أنه لا يعتبر رسول لأنه لم يختاره المسيح تلميذا له إلا أنه كان يدافع عن نفسه وعن رسالته بقوله أن الرب بنفسه قد اختاره

وبحسب رأي الكثيرين فإن بولس لعقيدته اليهودية وتأثره بالأفكار الرومانية قد أدخل الكثير على الديانة المسيحية مما لا يمت لها بصلة مستوحيا ذلك من خلفيته الدينية السابقة .. حتى سماه البعض مفسد إنجيل يسوع

و ترجع شهرة بولس إلى تطويره لأصول الشريعة المسيحية. فمن بين السبعة و العشرين سفراً من كتاب " العهد الجديد " نجد أن بولس قد ألف أربعة عشر سفراً


هذه الظروف التي نتحدث عنها في نشأة المسيحية مختلفة تماماً عن بداية الإسلام .. لكن كثيرا ممن يتبعون منهج لازم تلبس القضية يصروا على تخيل إن الإسلام مر بنفس المرحلة التي مرت بها المسيحية وأن تدوين شرائع الإسلام - السنة النبوية - لم يكن إلا بعد مائة عام من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مستدلين على ذلك بما رواه البخاري رحمه الله في صحيحه تعليقا .. قال: وكتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم. انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه، فإني خفت دروس العلم، ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم، فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا ....

مع ما وصل إليهم من حديث النبي صلى الله عليه وسلم : لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار [صحيح مسلم]

إضافة إلى الخبر بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكر أن يجمع السنة كما أشار بجمع القرآن إلا إنه تراجع عن ذلك مخافة انصراف الناس عن كتاب الله

فخلطوا بين الجمع في دواوين خاصة وبين التدوين في صحف وظنوا وخيل لهم أن النهي عن الكتابة استمر منذ نهى النبي وحتى عهد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز .. وهذا خطأ كبير من وجهين

الأول ..

أن عمر بن عبد العزيز لما أصدر الأمر لم يأمر بالجمع من صدور الرجال وحسب ولكن من الصحف والأصول المكتوبة من قبل والتي كانت منتشرة ولكن لم يتم جمعها حتى عهده فأراد حفظها بجمعها في دواوين خاصة .. فكان فعله رضي الله عنه كفعل أبي بكر رضي الله عنهما لما جمع القرآن من الصحف وجعلها في كتاب واحد


الثاني ..

توارد الأخبار بالكتابة التي كانت تتم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فالنبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى في بداية نزول الوحي مخافة أن يختلط القرآن بالحديث على العرب فلا يعرفوا القرآن من الحديث .. وخاصة أن في بداية الوحي لم يكن هناك تشريع يحتاج لتفصيل من النبي وكان القرآن وحده يكفي لتأسيس عقيدة التوحيد في النفوس ..

فلما بدأ العهد المدني وبدأت الأحكام تتنزل وتحتاج لتفصيل وشرح من النبي مع تميز القرآن وأسلوبه عن كلام النبي صلى الله عليه وسلم سمح النبي عندها بالكتابة بل وأمر به في بعض الأحيان

فقد روى البخاري في صحيحه أنه لما فتح الله تعالى مكة للمسلمين خطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقام رجل من أهل اليمن اسمه أبو شاه، وقال: يا رسول الله، اكتبوا لي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اكتبوا لأبي فلان "، يقصد أبا شاه

وكذلك روى الإمام أحمد بسنده إلى عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش، فقالوا: إنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتابة، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق " .[صحيح]

والشاهد هنا أن المنكرون على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما لم ينكروا الكتابة وإنما أنكروا عليه كتابة كل شيء .. فتأمل

وعن أبي قبيل قال كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص ، و سئل أي المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ؟ فدعا عبد الله بصندوق له حلق ، قال : فأخرج منه كتابا قال : فقال عبد الله : بينما نحن حول رسول الله نكتب ، إذ سئل رسول الله : أى المدينتين تفتح أولا القسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله : مدينة هرقل تفتح أولا : يعني قسطنطينية [السلسلة الصحيحة]

والشاهد هنا قوله نكتب وفيه إشارة أنه لم يكن وحده من يكتب حديث النبي بل كان هناك غيره

وعن عبد الله بن حوالة الأزدي قال : أتيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهو جالس في ظل دومة ، وعنده كاتب له يملي فقال : ألا أكتبك يا ابن حوالة ؟ قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله ، فأعرض عني فأكب على كاتبه يملي عليه ثم قال : أنكتبك يا ابن حوالة ؟ قلت : لا أدري ما خار الله لي ورسوله فأعرض عني فأكب على كاتبه يملي عليه قال : فنظرت فإذا في الكتاب عمر فقلت : إن عمر لا يكتب إلا في خير ثم قال : أنكتبك يا ابن حوالة ؟ قلت : نعم . [صحيح بحسب الدرر السنية]

وكان لعبد الله بن عمرو صحيفته التي كتب فيها أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي سمعها منها وكان يسميها الصادقة

وكان لجابر بن عبد الله الأنصاري صحيفة ، وكذلك أنس بن مالك كانت له صحيفة وكان يبرزها إذا اجتمع الناس .

وكان لعلي بن أبي طالب صحيفة صغيرة تشتمل على الأحاديث التي تبين مقادير الديات

وكتب أبو بكر رضي الله عنه عن النبي كتاب الزكاة والديات.

للإطلاع على المزيد من الصحف وكتابات الصحابة للسنة قبل بدأ التجميع الذي قام بأمر من الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز رحمه الله


بقى أن نقول أن العرب لم يكن يحفظون في العادة بالكتابة وكان نعمة الحفظ في الصدور عندهم من شيم رجاحة العقل وصفاء الذهن في الرجال والنساء ولو لم يكن هناك تدوين للسنة بالكتابة لكفى حفظهم الذي في الصدور .. ولكن لحرصهم رضوان الله عليهم على إيصال الخير لغيرهم فقد رافق حفظهم في الصدور التدوين الكتابي المذكور والذي بدأ من عهد النبي صلى الله عليه وسلم


Thursday, August 16, 2007

الوصول لقبول أحاديث الرسول

المحطة الأولى

ليس العبادة مقصودة في حد ذاتها وإنما المقصود منها هو إظهار الامتثال لأمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا يحاسب المسلم .. لذلك قال تعالى في الأضحية

{لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ}

فليس المقصود الأضحية نفسها وإنما المقصود إظهار تقوى الله عز وجل والامتثال للأمر الإلهي .. وكذلك العبادات جميعها ليست هي المقصودة وإنما المقصود إظهار الانقياد لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم

ولذلك كان للمجتهد المخطئ أجر إن كان خطأه في طريق الإتباع لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.. لأنه اجتهد في طريق الإتباع ولما أخطأ في إصابة المراد فقد أصاب في تحقيق معني الانقياد لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم

وعليه إن قام المحقق بالبحث في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتبين له صحته فعمل به .. فقد أصاب حتى وإن كان اجتهاده خطأ والحديث ضعيف .. لأنه أصاب من حيث أراد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم

وهو خلاف من رد حديث للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يوافق هواه أو عقله كما رد إبليس الأمر الإلهي بالسجود لآدم بزعم ان الأمر مخالف للعقل {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ؟؟!!!} {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ }

المحطة الثانية

القرآن مجمل لا يفسر إلا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وليس بينهما تعارض فأحدهما يشرح الآخر ويطلق عليهما معاً لفظ الذكر وهما المحفوظان في قوله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ..

فالسنة النبوية منزلة من عند الله قال تعالي { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } فالذكر هو السنة لتبين للناس ما نزل إليهم من القرآن .. وقال تعالي {وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ } فأما الكتاب فهو القرآن وأما الحكمة فهي السنة وكلاهما منزل من عند الله وكلاهما ذكر محفوظ بحفظ الله لهما

وعليه فلا يصح ضرب السنة بالقرآن بزعم وجود تعارض بينهما فكلاهما منزل من رب واحد .. خاصة إن كان هناك من قام بالشرح والبيان وفصل شبهات التعارض وبين ما يظن البعض أنه تعارض وليس كذلك ..

عن عبدالله بن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب : ( لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة ) . فأدرك بعضهم العصر في الطريق ، فقال بعضهم : لا نصلي حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلي ، ثم يرد منا ذلك . فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم .

فنص حديث النبي يظهر لعقول المغرمين بضرب السنة بالقرآن أنه يعارض نص القرآن .. فالنبي يأمر بعدم الصلاة في وقتها خلافا لأمر الله في القرآن بأداء الصلاة بمواقيت ..
لكن هذا الفهم العقيم لم يفهمه أحد من الصحابة فمنهم من فهم أن الأمر خاص بالموقف فامتثل وترك الصلاة لحين الوصول لبني قريظة ومنهم من فهم أن الأمر للحث على المسارعة بالتوجه لبني قريظة فامتثل وسارع بالتوجه إليهم .. ولم يقل أحد منهم أبدا بالتعارض بل كلا الفريقين امتثل وانقاد للأمر وهذا هو الفهم المفقود لدى كل من ادعى بتعارض حديث النبي مع القرآن

المحطة الثالثة

{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}

التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلم له أدب خاص .. يختلف مع كلام غيره من البشر .. والأحاديث المنسوبة له لابد معاملتها بما يليق بالتعامل مع رجل اختاره الله عز وجل ليكون رسوله .. ولا يليق تكذيبها مباشرة دون التيقن التام من إنها مكذوبة على النبي ولا يجوز تجاهلها بمجرد الظن والاحتمال الغير قائم على أدلة مادية والاكتفاء بالأدلة الظنية أو الأدلة القائمة على الرأي دون حقائق ملموسة كاشتهار راوي الحديث بالكذب أو النسيان ..

أما الاعتماد على الميل والهوى في رد الحديث فهو التسلل لواذا من إتباع النبي وليحذر الذين يخالفون عن أمره صلى الله عليه وسلم أن تصيبهم فتنة

ومن الأدب الخاص في التعامل مع ما ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم هو المسارعة بالقبول والتطبيق والإتباع والانقياد الفوري وعدم المبادرة بالانتقاد والشك ..

وإتباع الحكم الشرعي لا يتعطل انتظارا للتأكد من صحته أو من حقيقة نسبته ..

فمبجرد وصول الحديث وفيه الأمر أو النهي ولم يصل معه ما يرده وجب العمل به ...

لذلك لما جاء الحكم للمصلين في ركوعهم بان القبلة قد حولت من بيت المقدس إلى البيت الحرام بادروا بالتنفيذ وهم في صلاتهم ولم ينتظروا التأكد من صحة الخبر ولم يقل أحد منهم بعد انتهاء الصلاة أو أن الأمر للصلوات التالية بل بادروا بالتنفيذ.. وكذلك لما نادى المنادي بتحريم الخمر أراق المسلمون خمورهم وأنزلوها من على أفواههم ولم ينتظروا بيان صحة الخبر من عدمه ... لفهمهم إن إجابة داعي الله تكون فورية


المحطات التالية بإذن الله

المحطة الرابعة
تدوين السنة بدأ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبدأ بعده
..

المحطة الخامسة
الأمر من الرسول يفيد الوجوب مثله مثل الأمر من الله عز وجل ..

المحطة السادسة
التجني بالتفرقة بين أهل العلم وتقسيمهم إلى محدثين وفقهاء
..

Friday, August 10, 2007

المقامة الصحية

حدثنا عبدالله بن النقيب وهو صديق لي قريب .. أن نساءاً اجتمعن عنده في الدار وبدأن في الحديث والحوار .. تقص كل واحدة منهن ما تريد من الأخبار والحواديت .. فقالت إحداهن بصوت عال رنان فسمعها صاحبي من وراء الجدران .. قالت وهي تحكي للبقية ما جرى له في الوحدة الصحية ..

قالت : ذهبت بأولادي الثلاثة للكشف على أحدهم قبل بدء الدراسة .. فدخلت على الست الطبيبة فنظرت لي نظرة مريبة .. وقالت لي : ما كل هؤلاء?? .. جئتي وثلاثة من الأبناء ؟!! .. فهممت ان أفتح فمي فخشيت من نظرتها أن تريق فيها دمي .. وقالت لي : أحضري من كل طفل عينة ليتم الفحص على بينة .. ورغم أن واحدا منهم فقط هو المريض ولسنا بحاجة لهذا الفحص العريض ... إلا إنني أطعت الأمر وذهبت إلى الحمام على الفور

وفي الداخل أعطيت كل واحد من أبنائي أنبوب وشرحت لهم ما هو المطلوب .. فأجابني أحدهم لما أردت واما الاخران فقد أرهقاني حتى مللت ... رفضا في شمم وإباء أن يجيبوا للطبيعة النداء .. وفي هذا الأثناء احترت أنا وقد لبثت في الحمام قرب السنة ..

فلما أعجزتني الحيلة وبقيت تلك المدة الطويلة .. خطرت على رأسي فكرة منيرة تخرجني مما أنا فيه من الحيرة .. فوزعت ما أخذته من الأول على الآخران .. وخرجت وفي يدي كل أنبوب ملآن ..

وتوجهت لمعمل التحليل وكتبت على كل انبوب اسم العليل .. وقالت لي الطبيبة : عودي بعد ثلاثة أيام ومعك نتيجة التحليل يا مدام ...

وبعد ثلاثة أيام ظهرت النتيجة الطبية فأخذتها وذهبت إلى الوحدة الصحية

فأخبرتني عندها الطبيبة أن الأول عنده أميبا .. والثاني ظهر بعد التحليل البائس أن المحروس لديه سكارس .. والثالث نجا من الملاريا وظهر ان لديه فقط دوسنتاريا

فنظرت للطبيبة في تعجب انتظر منها في ترقب .. أن تنتهي من الهزار وتنتقل للجد في الحوار .. لكن صعقت لما علمت أن كلامها معي بجد .. فنظرت لها وبدأت في الاستفسار فقالت مكفهرة : ما هذا النهار ؟؟؟ فانصرفت وأنا أصحك طول المسافة والكل يظن بي السخافة .. فأولادي مرضى بكل الأمراض المعروفة وأنا اضحك وكأنها حقيقة مألوفة ...

قال عبد الله : فشاب ضحكتي حسرة وندامة وقلت في نفسي على صحة المصريين السلامة

Sunday, August 05, 2007

الجزيرة وعم ممدوح

ميزة قناة الجزيرة بالنسبة لي مش إنها بتقدم الأخبار بسرعة وبتابع عن قرب كل النقط الساخنة في العالم بمراسليها الناشطين المتواجدين في كل مكان واللي أقل واحد فيهم يتفوق على كل أصحاب لقب الأعلامي الكبير في دولة زي مصر

مش كمان أنها بتحترم المشاهد وما بتستخفش بعقله زي نشرة أخبار الساعة التاسعة اللي اتربيت عليها واللي كلها أخبار عن الانجازات المصرية وتبعية كوكب الأرض كله للقيادة المصرية الحكيمة

ومش لأنها برضه تصدر من دولة صغيرة مساحتها واحد على عشر تلاف من مساحة مصر وعدد سكانها واحد على مية من عدد سكان مصر ورغم كده قدرت تقدم قناة محترمة ناجحة برغم إنها قناة مش معتمدة على الأغاني والرقص والكلام الفارغ .. ولا على متابعة الشباب الهايف وشريط عايزة اتجوز ياما وانا وائل عايز اتعرف على بنت المعادي ..

برضه مش لأنها مش بتحط القوانين الغبية بتاعة الإعلام المصري من نوعية شرط عدم ظهور المذيعات المحجبات أو المذيع الملتحي ولأن احتكام قناة الجزيرة للكفاءة وبس مش للواسطة اللي بتخلي المذيعة بتقدم النشرة وهي ما تعرفش الفتحة من الضمة ولا الفرق بين تقديم الخبر والأغنية .. وكل مؤهلاتها إنها قريبة فلان الفلاني

ومش لأن الجزيرة بتقدم تقارير وافية عن مسائل دقيقة جدا وبتقدمها بطريقة تشد ولا أجدعها فيلم أمريكاني والواحد بيقوم وهو حاسس إنه قرا كتاب كامل في الموضوع .. وكمان بتفتح وثائق تاريخية لقضايا حصلت من زمان وبتخليني افكر كتير في المستقبل قبل ما افكر في الأحداث وإزاي وصلنا لحالنا ده

مش لأنها فاتحة الحوار لكل الناس بدون كبت لاتجاه على حساب اتجاه تاني وبتقدم برامجها باحترام لهويتنا العربية الإسلامية مش تقليد لعالم ولاد الخواجات اللي ما تعرفش فيه انت بتتفرج على تلفزيون مصري ولا تلفزيون أمريكاني هابط لغاية ما تطلع عليك مذيعة الربط وتقول لك بصوت مايع اصدكائي كل أفراد الأوثرة ..


أمال إيه ياعم انت إيه اللي بيعجبك في قناة الجزيرة .. دوختنا .. إيه الرغي ده .. ما تقول وتخلصنا ؟؟

اللي بيعجبني في الجزيرة أنها بتقدم مواضيعها مش للمثقفين ولا للمتعلمين وبس .. لا .. دي بتقدم جزء من أخبارها عني انا وليا انا .. أنا الراجل البسيط اللي ماشي في الشارع .. بتقدم أخباري مش أخبار السيد الرئيس ولا السيد الوزير .. بتعرفني بحال البلد من خلالي أنا المواطن العادي مش من خلال افتتاح مشروع ولا مآدبة عشاء أقامتها حرم السيد الرئيس على شرف الضيوف ..

بتخلي في أحيان كتيرة للخبر بعد إنساني عجيب .. يخليك بتشوف نفسك في المراية ...

أول امبارح في برنامجها هذا الصباح .. قدمت الجزيرة موضوع عن عم ممدوح

عم ممدوح شغال مع العمال في العمارات اللي تحت الإنشاء بيرفع شكاير الأسمنت والجبس والرمل للأدوار العليا
بيخرج من بيته الصبح بيمشي 12 كيلو عشان يوصل لحتة ممكن يشتغل فيها .. بيمشي خمسة كيلو عشان يوصل للهضبة ويمشي بعدها سبعة كيلو بعد الهضبة .. انا مش عارف قصده إيه ! .. المهم إنه بيمشي 12 كيلو وبيرفع في اليوم حوالي 2 طن شكاير جبس لغاية الساعة 5 العصر ..

يوميته 3 جنيه ..

بيفطر بنص جنيه .. بيجيب بيهم 3 أرغفة بـ 15 قرش وبـ 35 قرش طعمية ويفطر بيهم ..

وبنص جنيه زيهم بيتغدى ..

وبيجيب بنص جنيه سجاير (اتكسف ألوم عليه ولا اعاتبه) ..

وهو مروح بيجيب بنص جنيه حاجة حلوة لأبنه الوحيد ..

والجنيه اللي فاضل يإما بيروح في مواصلات يإما بيشيله ...

حلمه إن ابنه يطلع لعيب كورة زي أبو تريكة وبعدها يحترف في بلاد بره زي رونالدينهو ..

الراجل دا مش بقول حكايته عشان يصعب علينا ونقول يا حراام ... معلش .. انا بقول حكايته عشان نتعلم منه اللي نسيناه في الزحمة ..

Friday, August 03, 2007

آه .. طيب .. ما علينا

- هو الشيخ هشام فين ؟؟ مش باين بقاله كام يوم
= آه الشيخ هشام أصله مسافر .. في مارينا
- نععععععم ؟؟!!
= ماريييييينا ...
- إيه اللي وداه هناك
= أبدا واحد صاحبه عزمة يقضي يومين هناك
- آه .. طيب .. ما علينا

- هو الشيخ رمضان شغال فين ؟
= شغال في قرية في الساحل الشمالي
- صحيح .. شغال إيه ؟؟
= ماسك مقاولة حمامات السباحة العامة اللي هناك
- افندم ..
= ما انت عارف .. ظروف الشغل بتحكم
- آه .. طيب .. ما علينا

- الحاج خالد مختفي فين ..
= آه الحاج خالد في الغردقة
- فيييين ؟؟!!!!
= الغرررررررررردقة ... أصله طالع رحلة هو ومراته وعياله البت اللي في ثانوي والواد اللي في الجامعة .. رحلة كده تبع الشغل
- آه .. طيب .. ما علينا

- هو الأخ محمود حيقضي أجازة جوازه .. هنا ولا حيسافر
= حيسافر
- صحيح ما شاء الله .. ما شاء الله .. وياترى حيقضيه فين
= في شرم
-إييييه ؟!!!!
= في شررررررررررررم الشيخ .. حيقضي أجازة الجواز في شرم الشيخ
- آه .. طيب .. ما علينا


تحديث :
تعليق الاستاذة
لحظة على الموضوع:

من حقي اطلع اجازة .. وبالرغم من اننا لسنا شيوخ ولا منتقبات .. الا انني اكره - واكررها - اكره ان اذهب الى مارينا وشارم والغردقة ودهب .. الاماكن دي بالذات معروفة ومش هنتكلم اكتر من كده
انا احب اروح قرية صغيرة في مدينه هادئة محافظة استجم انا واسرتي نستمتع بالبحر والولاد ينبسطوا ويركبوا عجل ونستجم في هدوء ومعانا عائلات زينا ليه اروح اماكن اشوف فيها مناظر تؤذيني وما اقدرش افسرها لولادي لو سألوني اقوللهم هم يعملوا كده لكن احنا لأ؟ الرفض لازم يكون كامل والدنيا ما داقتش فيه اماكن في مصرنا المنحوسة لكل الاذواق وبنا يهدينا جميعا