Monday, March 25, 2013

المغضوب عليهم



لم يكونوا معنا عندما وقفنا على ضفتنا ننظر إلى الضفة الأخرى وقد وضعنا أعداءنا عليها تلك البعيدة، ولأنهم لم يكونوا معنا – على ضفتنا - فقد اعتبرناهم بلا ريب ولا تردد على الضفة الأخرى فلا رحمة إذن لهم عندنا. رغم أن الآخرين أيضاً افتقدوهم بينهم أكثر مما افتقدناهم.

ثم اكتشفنا أن ضفتنا ليس واحدة وكذلك ضفة الأخرين، وأن كل منا يعيش على جزيرة مهجورة يظنها الدنيا مع بضعة نفر قليلين يظنهم كل البشر، تتقارب بهم وتتباعد الأرض تبعاً لحركات المد والجزر، فرأينا هؤلاء المغضوب عليهم باجتهاد يتجولون بحرية بين جزرنا يحاولون مد الجسور ويحملون لنا الحياة وينقلون البذور من جزيرة لأخرى لعل التي لا تنبت هناك تنبت هنا ويثبتون أن الأرض واحدة وإن فصلت بينها المياه، أخطأت بذورهم الإنبات أحياناً وأصابت أحياناً أخرى، تماماً مثلما نفعل نحن المتمركزين، لكننا اعتبرناهم لما رسوا عندنا جواسيس، ولما أبحروا مرتدين، وفي كل حال نذكرهم بالتميع وافتقاد الوجهة والتخبط ونختال عليهم بثبات الأرض من تحتنا وأنهم تتقاذفهم الأمواج بزعمنا.

إنهم المغضوب عليهم من الجميع، رغم أنهم كانوا ولا يزالوا منا غاضبين، فلا استمعنا إليهم ولا أعرنا لشكواهم انتباه، ولا لنصحهم آذان، واعتبرنا أخطائهم جرائماً، وخلافهم معنا خيانة، فهم عندنا المنتكسين، الناقمين، المخدوعين. فلا نحن أفسحنا لهم مكانا عندنا ولا تركناهم يجوبون البحر بيننا بسلام.