Wednesday, December 25, 2019

أي جرائمك أعظم



أتعلم أي جرائمك أعظم عندي يا ابن عمار ؟ إنها خيبة أملي، بل فجيعتي بك.

لو كان رجل آخر، وزير آخر، خلع الطاعة وأعلن العصيان لقلت ليس أول من يطمع و يخون، ومثل هذا كثير في أخبار الرجال، وفي أخبار الملوك والسلاطين. ولكن لم تكن عندي أي رجل، ولا أي وزير.

ثم كان منك ذلك الجحود، وتلك الخيانة بعد طول الصحبة والمودة والألفة.

كسرت قلبي، وخلعت روحي، وفي لحظة واحدة تغيرت في عيني ألوان الحياة ومعانيها. إذ بت أسأل هل كانت مودته صادقة كمودتي أول العهد بالصحبة، ثم تطاول الزمن، وتداخلت الأغراض، وتقدم الطمع شيئاً فشيئاً على معنى الصحبة، فأطغاه الشيطان فتغير علي بقدر ما تغير على نفسه؟! أم أنه كاذبا خداعا منذ اليوم الأول، وانطلى علي كذبه وخداعه خمسة وعشرين عاما، فما يجعلني هذا ؟! مغفلاً ؟! مسلوب الإرادة ؟! ضعيف العقل ؟! إذن فقد هدرت زهرة شبابي عبثاً، وأنت سلبتني أهم سني عمري، فمن يردها إلي ؟! من يردها إلي لأعيشها بطريقة أخرى وعلى مذهب آخر ؟!

ومع سيرة عمري المهدورة سيرة مملكة بأكملها، بل سيرة الأندلس كلها. فأي فجيعة وأي فقدان !!

ومثل هذا في النكاية أني ما عدت قادراً على الثقة بأحد. فإن كان صاحب العمر، وقسيم الروح قد خان مودتي وصحبتي فمن يبرأ من الظنة بعد ؟! وأي حياة هذه التي لا يسع الرجل فيها أن يطمئن إلى أحد ؟! وإذن فأنت لم تسلبني أعوام صبايا وشبابي فقط بل ما بقي من عمري كله. فيالضيعة العمر إذن.

ربما كنت أحب أن اصدقك لا لاستنقاذك ولكن لاستنقاذ روحي وعمري.

[كتبه د. وليد سيف - من اتهام المعتمد لابن عمار في مسلسل ملوك الطوائف]