Saturday, May 16, 2009

أيام خاصة

كثيرة هي الأيام التي تمر علينا هادئة نمارس فيه طقوس الحياة المعتادة ولا تتسبب أحداثها وما يجري فيها بأي تغيير فينا .. في المقابل قليلة هي الأيام التي تغير مجرى حياتنا وتضع في ذاكرتنا أحداثا لا تنسى .. هل أصدق حين أقول أن اعمارنا تقاس بهذه الأيام لا بتلك ..؟

تخيل أنك تستيقظ صباحا تعد نفسك ليوم كباقي الأيام .. وكأنك تعرف أحداثه عن ظهر قلب .. سأذهب هنا وهناك وسأفعل كذا وكذا وسأقابل فلان وفلان ... وفي رحلتك اليومية .. يحدث أمر .. أمر مفاجئ .. يتغير معه حاضرك ومستقبلك ويصاحب ذلك تغير وصف اليوم ليتحول من يوم عادي .. إلى يوم مميز جدا فتحتفظ به في أجندتك على أنه اليوم الذي غير حياتك.

وبعد مرور اليوم وفي رحلة الأيام تظل تنتظر دوارن العام على ذلك التاريخ المميز وتحدث نفسك بأنه قد مر شهران على يومي المميز .. مر 6 أشهر على يومي المميز .. تترقب وتقول لنفسك غدا يكون قد مر عام كامل .. حتى إذا جاء اليوم فتحتفل به .. قد يكون عند كل البشر يوما عاديا .. بل إن أحدا منهم حين يقابلك لن يفطن لأهمية هذا اليوم عندك .. لعله يتذكر اليوم الذي ولدت فيه لكنه لن يعرف أبدا أنك في مثل هذا اليوم زاد عمرك حقا يوماً.

بعض الأيام المميزة تكون أكثر تميزا واكثر خصوصية لأن الحدث المفاجئ فيها لا يغير مجرى حياتك أنت وحدك .. بل إنه يغير مجرى حياة شخص آخر . إذا بدأت معرفتك به في هذا اليوم .. عندها ستميزا معا هذا التاريخ عن غيره من تواريخ كل منكما .. أنتما وحدكما دون كل البشر يعرف سر هذا اليوم .. ستترقبان هذا التاريخ معا .. وما أجملها من مصاحبة .. إذ أن اليوم لن يكون مجرد تاريخ في أجندتك كلما مر عام عليه تذكرته .. بل سيكون هذا اليوم حيا أمامك تنظر إليه وينظر إليك.

ويمر علينا العام .. نتذكر يومنا الخاص وأن كل يوم جديد بعده سيكون لنا فيه ذكري .. نتذكر كيف بدأنا وكيف تغيرت خارطة حياتي لما عرفتك .. لما طرقت بابك وانتظرت إجابتك .. أتذكرين حالي وقتها وكيف غضبت ؟! .. أتذكرين الأماني الطيبة ؟! .. أتذكرين حيرتي وأنا اتحدث عنك ولا تكفي الكلمات لوصف ما اكتشفه فاحتار في وصفك ؟! .. أتذكرين حالات انبهاري المستمرة وانا استكشف هذا العالم المدهش في مساحتك الخاصة جدا والتي سمحتي لي كرما أن اشغل جزءا منها ؟! .. أتذكرين حديث قيس وليلى وشهرزاد ورسائل الريح ؟! .. أتذكرين أسئلتنا الأولى وكلامنا الخجول ؟! .. أتذكرين غيابك وسفرك وحالي فيه ؟! .. أتذكرين الحمام الزاجل ؟! .. ومبارة الأهلي وخيبة الزمالك ؟! .. اتذكرين غزة وبكائنا ؟! .. أتذكرين رمضان وكيف كنا ؟! .. والعيد وكيف فعلنا ؟! .. آه .. كم هي ممتعة ذكرياتنا ..

هل أقول أني أعرفك الآن تمام المعرفة وأنا لازلت أكتشف فيك حتى اليوم ما يميزك عن الآخرين ؟! .. ما يبهرني ويجعلني ازداد فيكي قربا ولك حبا وبك تعلقا ؟! .. ربما علي أن انتظر أعواما أخرى تتركيني بجانبك فيها حتى أدرك كل الجمال الذي تحملينه بداخلك.

ليس جمال هذا اليوم فيما حدث فيه فقط لما عرفتك .. بل إن هذا اليوم تاريخ فتحت فيه أبواب لذكريات جميلة مستمرة تمر علينا فنتذكرها سويا .. فجمال هذا اليوم أنه معه يبدأ تاريخنا