في سنة 1903 زار الإمام محمد عبده رحمه الله أوربا وكتب مقالات في "المنار" -مجلة تلميذه محمد رشيد رضا - بإمضاء "سائح بصير" يتغزل فيها برقي وحضارة الأوربيين ويبدي إعجابه الشديد بأخلاقهم العالية وسموها، وكان فيما قاله جملته الشهيرة "رأيت في أوربا إسلاما بلا مسلمين، وفي بلادنا مسلمين بلا إسلام" ... ثم ما لبث أن مات على هذا الإعجاب والافتتان بعدها بسنتين. لكن بعد زيارته بسنوات قليلة جدا جدا (11 سنة تقريبا) هما نفس الناس المتحضرة الراقية دول نزلوا دبح في بعض وتقتيل في حرب عالمية أولى أتت على الأخضر واليابس ودمرت ومسحت بلاد كاملة من على الخريطة وقتلوا منهم فيهم 40 مليون بني آدم وخسائر لا تحصى في حرب وصفت أنها أقذر حرب في التاريخ، وإنها كانت حرب بلا أي قواعد أخلاقية على الإطلاق بعد ما استخدم فيها الألمان بكتريا الجمرة الخبيثة ضد أعدائهم ونشروا الأوبئة في صفوف مش بس الناس لا حتى الحيوانات كمان لم تسلم من أذاهم .. سكتوا بعدها ؟!! أبدا ... بعدها كمان بأقل من عشرين سنة قامت الحرب العالمية التانية بين نفس الناس المتحضرة الراقية اللي عندهم اسلام بلا مسلمين دول وقتلوا منهم فيهم أكتر من 70 مليون بني آدم واستخدموا الجدري في الحرب بالإضافة طبعا للقنابل النووية في هيوشيما ونجازاكي أبادت مدن وشردت وقتلت مئات الآلاف. طيب السؤال هنا ... هو فين اللي التميز والرقي اللي شافه محمد عبده ؟ فين الأخلاق العالية والحضارة البناءة اللي تقدس معاني العمل والبناء اللي حكاها ؟ وإزاي وهو الإمام المصلح والشيخ السائح ال "بصير" ما شفش بوادر الشر والرغبة الجهنمية في التدمير والبهيمية وآلة القتل فيهم رغم إنها أكيد كانت موجودة لما زارهم ؟ غلطة محمد عبده إنه لما أراد يحكم حط الدين على جنب وحكم عليهم بما تبقى له من معطيات بعد حذف الدين تماما من المعادلة، عشان كده شاف صورة وردية حالمة عن قشور تمثيلية لأخلاق مكتسبة مالهاش أساس ثابت وبالتالي طاش حكمه فيهم لأنهم تخلوا عن كل دا أمام أول اختبار حقيقي لمبادئهم ... في الحكم على المواقف وعلى الناس مينفعش تركن الدين على جنب، لو حبيت تحكم على حد أو على موقف فتأكد إن إحنا - كلنا - نظرنا ضعيف أوي والدين نضارة بتوضح لنا الصورة، لو خلعناها حنشوف كل حاجة مشوشة ومش واضحة وخادعة، حتخلع النضارة حتشوف عبد الناصر زعيم والسيسي منقذ، والقذافي حكيم، وصدام أسد، حتشوف الغرب متحضر والخلافة وهمية والشعراوي درويش وجاد الحق متشدد وحسن البنا خوارج، والأزهر إرهابي. البس النضارة عشان تشوف. قال تعالى : ومازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به . |
Friday, April 28, 2017
الدين نضارة
Subscribe to:
Posts (Atom)