بينما هو يمارس أحد طقوسه المعتادة في النظر إليها وتأمل جمال عينيها بعدما تمكنا أن يقنعا أطفالهما بأن يأووا إلى الفراش فاستطاعا أخيرا أن يجلسا معا في غرفة المعيشة في هدوء ليهمسا معا كما اعتادا .. ينظر هو إليها .. وهي تقص عليه كعادتها من حديثها الممتع الذي لا يمل .. سكتت قليلا ثم بادرته وأخرجت من قلبها كتاب العشاق وأخذت تقلب بين صفحاته وهو ينظر إليها في انتظار ما تئول إليه هذه الحركة المفاجئة .. أخذت تقلب الصفحات وكأنها تبحث عن شيء .. ثم هدأ تعاقب الصفحات إيذانا بأنها قد وصلت لبغيتها .. تركته وغاصت في الصفحات على غير العادة .. لم يحتمل بعدها عنه فقال لها مقاطعا اتحادها مع ما تقرأ : حبيبتي ماذا تقرأين .. ؟ تنهدت فانتفض قلبه وقالت : يالقيس المسكين !! .. لقد كابد وعاني وأحب كما لم يحب أحد من قبله ولن يحب أحد من بعده .. انظر إليه كيف هام بليلاه وأضناه من الهوى ما أضناه .. حتى بلغ في الهوى منتهاه .. فإن للمحبين في عشقهم مآساة .. فلا يوجد بعده محب عاشق ولا في الحب مثله أديب ناطق .. لقد رأي في الحب ما لم يره أحد وصمد بحبه أمام من عاند وجحد .. حتى أتاه أمر الله الذي منه لا مفر فاعترف بصدق حبه كل من كذبه وأقر .. ولكن حين لا ينفع التصديق ولا جدوى من انقلاب العدو صديق .. فرحم الله مثله من عاشق وهدى الله كل عبد آبق .. يحول بين المتحابين فلا يجتمعا في الخير وفي الحب فلا يرتعا .. وألهم الله كل ليلى بعده الصبر فما ثم قيس وقيس في القبر وبعد قيس ولى الحب وأدبر .. كانت اقرب الكلمات إلى فمه بعد أن رأي الحسرة في كلماتها أن يصرخ فيقول : من هذا القيس ؟؟ وماذا فعل ؟؟ .. هو بحبه جنب حبي ما صنع ؟؟ لكنه استطاع بأعجوبة أن يتمكن من غيرته الشديدة على حبه ومحاولة التحدي الفاشلة من قيس ليلى فتأمل قليلا كاتماً ما فيه وأراد أن يجعل نقاشهما موضوعيا ... فقال لها : نعم يالقيس المسكين .. لقد رأى ليلى فعشقها لجمالها وحسنها وبديع صورتها ... وهكذا هم كثير من الرجال يرغبون من المرأة الجمال وجسد فان إلى زوال .. فلولا صورة الحسن ما انشدوا فيهن الأشعار ولا سهروا الليالي إلى الأسحار .. فليت شعري لو لم تكن ليلي لها تلك العينين التي انشد فيها قيس والنهدين.. لو لم يكن ثم جمال في ابتسامة ثغرها .. هل كان قيس يوما هام بها ؟ تعجبت هي من رؤيته لقصة العاشقين على هذا النحو فلم تكن رغبتها أن يكون هكذا الحديث عنهما فامتعضت أسرع هو قبل ان تغضب عليه فقال : لكن يا حبيبتي أتدرين أني أعشقك من قبل أن أراك وأسمعك .. أتدرين أني أتمناك قبل أن تدخلي حياتي وأهواك .. تذكرين أني عاشق من يوم قرأت كلماتك في المدونة فصرت بك هائم أنا .. وقصصت عنك لكل البشر وحدثت عنك النجوم والقمر .. فقلت لهم هناك أمل وكنت في النساء قد فقدت الأمل... وفي رأسي أنك لربما تكونين بيضاء أوربية أو سوداء إفريقية أو صفراء أسيوية .. وقد تكونين رفيعة كعود القصب أو سمينة كالفيل .. وقد تكونين ذات ستين ربيعا أو سبعين .. وقد تكونين تسحبين الأطفال من حولك بعد أن هجرك زوجك لما عاناه من كيدك .. لم أكن وقتها رأيت عينيك ولا حسنك ولا ثغرك ولا نحرك ولا شعرك ولا شفتيك .. فعندها أحببتك دون شروط مسبقة .. لا عينا صبية ولا شعور ذهبية ... فلما أن رأيتك وانكشف الحجاب بيني وبينك .. عندها ازداد عشقي وولعي ودعوت الله أن تكوني دوماً معي .. فهل ذكر كتاب العشاق اسمي وهل لقيس في الهوى سهم كسهمي .. تبسمت وتركت الكتاب وانتقلت لجواره على الأريكة وتابعت حديثها .... |
Thursday, July 10, 2008
هو وقيس
Subscribe to:
Posts (Atom)