Tuesday, January 24, 2012

غزوة بدر


[عناصر خطبة الجمعة 28 يناير 2011]

ملحوظة: الآيات المؤكدة على معاني عناصر الخطبة من سورة الأنفال، وتدور حول غزوة بدر.

التدافع من سنن الله في الكون للإهلاك الظالمين ولحماية الحق من غلبة الباطل، ولامتحان مواقع الناس وحفظ الدين من الانهيار، وحفظ الدنيا من الفساد.
- { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ }[البقرة : 251]
- { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ }[الحج :40]
برغم أن الخروج كان يبدوا أنه معد ومرتب ترتيبا بشرياً إلا أنه قدر من الله عز وجل، وإرادة الله عز وجل إذا أراد أن يمضي أمراً ويقطع دابر الظالمين ويحق الحق بكلماته ولو كره الكافرون.
- { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }[يوسف:21]
- { إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }[الأنفال:42]
كان خروج المؤمنين من اجل استرداد الحقوق المنهوبة والأموال المسروقة والأمن الضائع
- { الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ }[الحج :40]
وهي تربية الإسلام للمسلم ألا يسكت على حقه المغتصب، ولا يرضى بالظلم
- في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال : يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ؟ قال : فلا تعطه مالك. قال : أرأيت إن قاتلني؟ قال : قاتله. قال : أرأيت إن قتلني ؟ قال : فأنت شهيد. قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار.
- في الترمذي عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد.
بينما خروج قريش كان من أجل تكريس الظلم والانتصار له والاعتداء على أصحاب الحقوق، فكان هلاكهم في خروجهم، ولو رجعوا إلى الحق وردوا الحقوق لكان خيرا لهم، لكنها جهالة الظالمين
- { يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ}[الحشر : 2]
- { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ }[إبراهيم : 28-29]
- { وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }[الأنفال : 47]
فمثلهم مثل فرعون لما أهلك نفسه وجنوده بالخروج للاعتداء على المؤمنين
- { فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ }[الشعراء : 53 - 59 ]
- ومثلهم مثل أبي جهل فرعون هذه الأمة الذي أهلك نفسه بالخروج لقتال المسلمين قال: لا لن نرجع حتى نرد بدراً، فتقيم ثلاثا، نننحر الجزر، ونشرب الخمر، وتعزف القيان علينا، فلن تزال العرب تهابنا أبدا. فأهلك المغرور نفسه وقومه
ولم يكن كل المؤمنين يرضون هذا الخروج فمنهم من كان له رافضاً، لكن رفضه لم يمنعه من الخروج مع المؤمنين والانتصار للحق، لذلك لم ينزع عنه رفضه الابتدائي للخروج صفة الايمان في الخطاب الإلهي.
- { كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ }[الأنفال: 6] ولمثل هؤلاء المؤمنين الكارهين يقول تعالى لهم{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لكم }[البقرة:216]، ويقول عز وجل لهم أيضاً { فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيراً}[النساء: 19]
أما المنافقون أصحاب الدنيا والمصالح فلم يخرجوا مع المؤمنين، بل ولم يسلم المؤمنون أصخاب القضية من ألسنتهم
- { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال :47-48]
ولأن الخروج كان من أجل الحق وإعلائه والانتصار له ودفع الباطل فالنصر كان من عند الله وجاء المدد من الله ... أمرهم الله عز وجل بالثبات عند اللقاء:
- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[الأنفال:45]
أمرهم الله عز وجل بالوحدة وعدم الاختلاف:
- { وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }[الأنفال:46]
فلما امتثلوا لأمر الله ثبتهم الله عز وجل بوسائل عدة
- { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ }[إبراهيم : 27]
ثبتهم بالنوم والراحة قبل المعركة والسكينة وتثبيت الأقدام والأمطار الخفيفة الجميلة المنعشة أثنائها
- { إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ }[الأنفال : 11]
ومن التثبيت رؤية النبي صلى الله عليه وسلم للعدو قليل
{ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ }[الأنفال:43]
وثبتهم الله عز وجل بالملائكة: فقد لجئوا إلى الله وطلبوا النصر من الله واستغاثوا بالله فأغاثهم الله
- { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }[الأنفال:9- 10] { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا }[الأنفال:12] { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَـذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ }[آل عمران : 123- 125]
أما خروج العدوان فكان يأمل لو أن الشيطان - الذي طالما خدموه - أن يكون لهم عوناً، لكنه لم يبقى، وتخلى عنهم ونكص على عقبيه:
- { وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ * }[الأنفال:47-48]
ولم يكن نصر بدر نصراً سهلاً يسيراً، فلابد من شهداء لاثبات صدق الاعتصام بالله والالتزام بأمره والثبات على الحق
{ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }[آل عمران : 140]
ورغم أنها لم تكن نهاية المعركة وتبعها العديد من المعارك بين الحق والباطل إلا أنه صار لأصحابها فضل فيما بعد إلى يوم القيامة لكونها البداية وشرارة الانطلاق
- صحيح البخاري عن رفاعة بن رافع رضي الله تعالى عنه أنه قال: جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم ؟ قال: من أفضل المسلمين. أو كلمة نحوها، قال : وكذلك من شهد بدرا من الملائكة.
- وفيه أيضاً عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال لما راسل أحد البدريين أهل مكة : فقال عمر بن الخطاب : إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فأضرب عنقه ، قال : فقال : ( يا عمر ، وما يدريك ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد وجبت لكم الجنة ) . قال : فدمعت عينا عمر وقال : الله ورسوله أعلم .
فدين الله يحفظ الفضل لأصحاب المبادرات مادامت في الحق
- { لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }[الحديد : 10]
ثم جاء ختام الآيات في سورة الأنفال عن غزوة بدر بذكر أن نتاج الظلم ومآله هو هلاك ودمار الظالمين وهذا الدمار والخراب هو من صنيع أيديهم وما استجلبوه على أنفسهم بالظلم، تماما مثل آل فرعون لذلك كانت نهايتهم مثله ...
- { ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ }[الأنفال : 51- 52]

No comments: