Tuesday, January 08, 2013

خطاب إنذار إنهاء خدمات



اندهشت ..

أنا فعلا اندهشت .. مش لأنهم حلوين وعلشان حلوين عملوا كدهو ؟؟! ولا لأنهم طعمين وعلشان طعمين تقلوا كدهو ؟؟! أكيد هما مش كده .. بس برضه اندهشت .. ومش مرة واحدة .. بالعكس اندهشت عدة مرات.

اندهشت أولاً لأن الإيميل الذي وصلني كان من مدير الشئون القانونية في الشركة الأم بالسعودية وهو في الأساس نادراً ما يراسلني.

واندهشت أيضاً لأن الإيميل وصلني في أول ساعة عمل من أول أسبوع عمل في أول شهر عمل من العام الجديد.

واندهشت من العنوان الغريب لهذا الإيميل والذي فاجئني به الماسنجر وقبل حتى أن اطلع على مضمونه وهو " خطاب إنذار إنهاء خدمات "

وأكيد اندهشت من مضمونه:
المهندس فلان الفلاني
نتيجة لكذا وكذا وكذا .. ونظراً لزيد وعبيد .. وبناء على زعيط ومعيط ونطاط الحيط
وعليه وعلى ما ذكر عاليه نفيدكم علما بأنك ... مرفوود.
مع خالص الشكر

إحساس غريب واندهاش مفاجئ، وإن كان يتماشى مع السياق العام لكبد الحياة { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ }. إحساس هو الأول من نوعه الذي أمر به رغم عمري الذي يقترب من ثلث قرن. تجربة الرفد أو الاستغناء أو توجيه خطاب الشكر تجربة لم أمر بها من قبل. إذ كان انتقالي من عمل إلى آخر يتم سلساً بلا فترة بينية أقضيها بلا عمل، ودائما ما كان يتم بناء على طلب مني، بل وإصرار وإلحاح، وما كنت لأضع نفسي في هذه التجربة إن كنت اشم أو أشعر أن هناك اتجاهاً ما نحو الاستغناء عني أو حتى عن غيري في أي شركة عملت بها، فحتى الاستغناء عن غيري كان كفيلاً بأن يجعلني أترك العمل وأبحث عن غيره حتى لا أكون يوماً في نفس الموقف إيماناً مني بأني سأوكل تماما مثلما أكل الثور الأبيض ..

لكن الآن وقد حدث وفجأة فمن حقي أن اندهش ...

وبعد الاندهاش .... اندهشت أيضاً

اندهشت لأني احتجت أن استحضر كل المعلومات الدينية النظرية لدي لمجرد أن استطيع أن أنطق بحمد الله عز وجل على نعمه وأفضاله علي.

واحتجت أن استحضر كل ذاكرتي لأتذكر دعاءاً يقال في مثل هذه المواقف مثل اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خير منها، حتى أمرره إلى لساني لاستنطقه به. ونسيت تماما أن أقول إنا لله وإن إليه راجعون.

واحتجت أن استحضر كل المعلومات التي أعرف عن اليقين برزق الله المقدر، وأنه لن تموت نفس حتى تستكمل زرقها وأجلها، استحضرت كل هذا حتى لا أصب جام غضبي على هذا الشريك السعودي الذي تسبب لنا خلال السنة الماضية في الكثير من المشاكل والاضطرابات، وعرفت الآن أنه كان يحوم طوال هذه السنة لتنفيذ رغبته في تصفية فرع الشركة في مصر بزعم عدم استقرار الأجواء.

واحتجت أن استحضر كل المعلومات التي أعرف عن الصبر عند الصدمة والمصيبة، لمجرد أن أحافظ على رباطة جأشي ولا أموت غماً وكمداً من أحوال هذه الدنيا البائسة .. فهي الأمور كما شاهدتها دول، من سره زمن سائته أزمان.

اندهشت لأني احتجت أن استحضر كل هذا بينما أنا كآلة بلا قلب تنفذ ولا تشعر، استحضرت كل هذا وأنا أشعر بالزيف وتصنع الرضى وما بداخلي إلا الغم والهم والحزن والاضطراب والقلق، فاندهشت من حالي واندهشت وأنا أتذكر أولئك المؤمنين حقاً الذين لا يحتاجون أبداً لاستحضار معلوماتهم النظرية في مثل هذه المواقف، بل ينعكس إيمانهم تلقائياً على ردود أفعالهم حتى لو لم يكن لديهم من المعلومات ما لدينا .. فاليقين علمهم والرضى خلقهم والتسليم لأمر الله حالهم .. فهنيئاً لهم صدق إيمانهم .. أسعدهم في الدنيا ومسعدهم في الاخرة.


3 comments:

Anonymous said...

الحول والقوة بالله وحده لا شريك له
لا بالشركات ولا بالفلوس
أسأل الله أن يربط على قلبك ويرزقك الحمد على كل حال
اللهم أجره فى مصيبته وأخلف له خيرا منها
والصراحة بأه... ومن تجارب سابقة... انت باذن الله أدها وأدود :)
ربنا يسعد قلبك بكل خير

ma 3lina said...

:)

مش عارف اقول لحضرتك ايه على الكلام الجميل دا .. عموما شكرا

Anonymous said...

جزاك الله خيراً