Sunday, June 02, 2013

بين اعتماد وولادة وزينب


والحديث عن رجال ذلك العصر – ابن تاشفين ويحي بن عمر والمعتمد بن عباد وابن زيدون وابن عمار - يأخذني للحديث عن نسائه، فلا تقل متعة ذكر نسائه عن متعة الحديث عن رجاله، والحق أنني أغبط رجال هذا العصر، الذي كانت نماذج النساء فيه من نوعية اعتماد الريميكية زوجة محمد بن عباد وزينب بنت اسحاق النفزاوية زوجة يوسف بن تاشفين، وولادة بنت المستكفي ملهمة شاعر الأندلس ابن زيدون، بل وأغبط كل عصر غير عصرنا هذا كانت فيه النساء كما ينبغي أن تكون النساء، او حتى أقل مما ينبغي، او حتى أقل بكثير مما ينبغي.

قد يخطر على البال عدم إنصاف هذا الكلام ؟ فهن كن زوجات الملوك والأمراء .. فمن قال أن نساء هذا العصر كن كلهن كولادة واعتماد ؟؟

وما أراه هو أن نساء الملوك والأمراء هن فعلا صورة تدلك على نوعية نساء العصر، فكما أنه كما تكونوا - أيها الرجال - يُولى عليكم، فإنه كما تكن أيها النساء تكن زوجات ملوككن، أو العكس في حالة النساء، فكما تكن نساء ملوككن تكن، وليس أدل على هذا من أن نسوة المدينة لم يكن ليقدرن على أن يراودن يوسف عن نفسه إلا لما روادته امرأة العزيز نفسها، والعجب من حقي أنا تجاه من يرفض كثيرا مقالي عن كون الجيل الذي تربى وترعرع ونشأ في الثمانينات والتسعينات هن بنات سوزان، بل وينكر علي التعميم، وكيف لا أعمم وما أراه واسمعه ليس تحليلاً ولا تجنياً بل وقائع أراها عين اليقين، فكلهن بنات سوزان، حتى تلك التي خرجت لإسقاط زوج سوزان وسوزان هي من بنات سوزان، حتى تلك التي كرهت واشمأزت من سوزان هي من بنات سوزان، فكلهن بنات سوزان وإن أنكرن، كما أن اللاتي نشأن في عهد جيهان هن بنات جيهان، واللاتي نشأن في عهد فتحية هن بنات فتحية، واللاتي نشأن في عهد فريدة هن بنات فريدة، وشتان شتان بين بنات فريدة وبنات سوزان، وهذا أمر ملاحظ لا يحتاج لإيضاح ولا لإثبات.

فسوزان هي من أسقطت زوجها في عمله وأضاعت ملكه، وسوزان هي الأم التي ربت أمثال جمال وعلاء، وسوزان هي من سعت حثيثاً لكل تكريم دولي وأنفقت ثروات من أجل ذلك – 6 دكتوراة فخرية، لاينفاسها في العدد إلا د. البرادعي دكتوراة حقيقة و 15 فخرية يا بلاش -، وسوزان هي حقوق المرأة وحقي وحقك وراسي براسك وزي ما بتعمل حعمل، واشمعنى أنت. سوزان هي عدوة موزة وصديقة تهاني.

سوزان إذا اشتاقت لقتالك فستقاتلك لأهون سبب ودون انتظار لموقف معقول يستدعي القتال، علما أن معدل اشتياقها للقتال هو مرة على الأقل كل يوم، وإن طالت المدة عاتبتك وقاتلتك لذلك، لماذا تتجنبني ؟؟! بل حتى وإن قلت لها: صباح الخير فستقيم الدنيا وتقعدها، وتجعل من قولك صباح الخير سببا حاسماً للقتال، إزاي تقولي لي صباح الخير وانت عملت/ما عملتش كذا وكذا .. وليه بتقولها لي بهذه الطريقة .. إلخ، هكذا سوزان وهكذا بناتها.

لذلك فوجود ولادة واعتماد وزينب كزوجات لملوك وامراء هذا الزمان يعطيك صورة عن نساء هذا العصر السعيد رجاله.

فإذا وفيت وأثبت الاجابة على الخاطرة السابقة، جاءت إليك قائلة : والله دول ستات لرجال عظماء ورجال هذا العصر كانوا كأمثال يوسف ابن تاشفين ويحيي ابن عمر فكانت زوجاتهم كهؤلاء، فكونوا لنا كمحمد نكن لكم كعائشة وكونوا لكم كعلي نكن لكم كفاطمة ...

يالله .. الآن حصحص الحق، هذا هو عين فعل بنات سوزان، فهي لن تقر بحاجتها إلى العودة لأنوثتها وتكون الراحة والمودة والسكن قبل أن تطعن في رجولتك، فأنت أيها الرجل المعاند المكابر من تحتاج إلى إصلاح، أنت الذي لا تحترم المرأة – هكذا على الأطلاق برغم مدحك لسيرة عظيمات النساء اللاتي مضين – وانت أيها الرجل الذي لا تقدرها ولا تعرف قيمتها، أنت ايها الرجل الذي لا تعاملها كما يجب أن تعامل القوارير – اسطوانة سوزان لو كانت متدينة- ، وهكذا تنقلب المائدة عليك. أبجنى تجدني وسلم واستلم.

وباالتغاضي عن كون هذا الدفع يعد اعترافا ضمنياً بصدق شكوانا من حالهن، إلا أنه أيضاً يؤكد أنهن من بنات سوزان، فالخلاصة عندهن أن سبب حال النساء العوج هو أنتم معاشر الرجال، فإن سألت: هل أنتن تابعات لنا ؟ قلن : لا، بل نحن شخصيات وكينونات مستقلة. فلماذا إذن أيتها الشخصيات المستقلة لا تتعاملن بمطلق أخلاقكن الكريمة فتكونوا كفاطمة وعائشة وإن لم نكن نحن كعلي أو محمد، لماذا لا تكن كآسيا امرأة فرعون وتتشبهن بها وتدخلن الجنة معها حتى وإن كان أزواجكن من الفراعنة.

ما علينا .. فلا فائدة من الحديث.

يبقى أن أقول أن من نساء العصر، تظل اعتماد الريميكية الأقرب إلى نفسي كما كان زوجها، اعتماد جارية الريميكي الأديبة اللبيبة التي كانت تغسل الثياب على الشاطئ بينما سمعت رجلاً شاعرا تأمل جمال البحر وقال لصاحبه بجواره منشداً: صنع الريح من الماء زرد .. اجز – يعني كمل بيت الشعر - ، فتلعثم الصاحب واضطرب ولم يستطع فاكملت هي: أي درع لقتال لو جمد.

صنع الريح من الماء زرد .. أي درع لقتال لو جمد

أي صنع الريح من أمواج البحر انحناءة فيما يشبه الدرع الزرد الذي يرتديه المقاتل في حربه، فأي درع يفوق هذا الدرع في القتال لو جمد. - أميل بالهوى إلى هذه الرواية وأن الذي أجاز هو اعتماد وليس بن حمديس، وكل ما جاء في كلامي ليس تاريخاً مدققاً ولكنها خواطر وافكار مسترسلة -.

يسمعها الرجل الذي هو الأمير محمد ابن عباد فيعجبه ذكاءها وفطنتها وحلو لسانها فيتزوجها ويرفعها إلى جواره، فتكون خير الصاحبة له، الشريكة المناسبة، وتوأم روحه، ويستقر معها إلى حين وفاتها فيموت من بعدها بقليل.

لا شك عندي أن زينب بنت اسحق أكثرهن عقلاً، وأن ولادة بنت الخليفة المستكفي أكثرهن دلالاً وهي بلا ريب غانية عصرها – غانية يعني استغنت بمالها ومكانتها عن الزوج وبجمالها عن الزينة –.

لكن اعتماد هي مثال الزوجة التي تتغير من أجل زوجها، جارية تترفع من أدنى درجات المجتمع إلى جوار ملك أشبيلية، ثم تحافظ على مكانته ومكانتها وتستجيب لمكانة زوجها، فلا يندم يوماً على زواجه منها، بل ويستمر في حبها وكتابة الأشعار فيها حتى وفاته، هي زوجة و .... زوجة وكفى لن أزيد على هذه الكلمة، فهذه كلمة لن تفهمها بنات سوزان.

وهي الزوجة البسيطة غير المتكلفة التي لا تخجل من أيام فقرها فتتدلل وتتمنى على زوجها ملك البلاد لو تمشي هي وبناتها في الطين حافيات الأقدام كما تفعل بائعات اللبن مع بناتهن وكما كانت تفعل من قبل أيام خدمتها في بيت الريميكي، فيلبي ابن عباد حباً لهاويصنع لها طينا كلف خزانة الدولة ثروة طائلة ..

وهي الجارية التي انجبت لابن عباد أبناءه الذكور فكانوا جميعاً رجالاً أحسنت ربايتهم على البطولة والاقدام والشجاعة فمنهم من قتل دفاعا عن ملك أبيه ومنهم عاش ثائراً بعد نفي ابن عباد واعتماد إلى أغمات.

رحم الله زينب بنت اسحاق واعتماد وولادة، ورحم الله يوسف ابن تاشفين ومحمد بن عباد وابن زيدون، ورحمنا الله وإياكم.


6 comments:

بني آدم said...

اكيد نو كومنت يا سيدنا, هو في حد يستجري يكومنت على الكلام اللي يودي ورا الشمس ده, يا عم كلنا بناكل عيش من سكات.

انا اصلا بفكر اقطع علاقتي بيك بعد الكلام المحمل ده

بني آدم said...

قصة المثل " ولا يوم الطين"
وفي يوم من الأيام رأت نساء من البادية يبعن اللبن سوقهن يخضن في الطين

فقالت اعتماد : اشتهي أن أفعل كفعل هؤلاء البدويات فأمر ابن عباد بالعنبر والمسك والكافور فسحق بماء الورد ليكون في هيئة الطين واحضرت القرب لاعتماد و بناتها فخضن في طين العنبر والمسك والكافور .

ويقولون : في يوم غاضبها ابن عباد, فأقسمت أنها لم تر منه خيراً قط,
فقال:ولا يوم الطين؟فاستحيت واعتذت

أما أنتم بنات سوزي صحيح....

ma 3lina said...

بني آدم
لا لا ما تقطعش علاقتك بيا .. حيبقى الرجالة والستات
:)
.جزاك الله خيرا على قصة المثل

بني آدم said...

طيب مش هقطع علاقتي بيك, بس ما تسيحش لحد اني اعرفك احسن انت بقيت مسجل خطر

Anonymous said...


عطشـــان ياصبايا دلونى على السبيل

فى عام 2008 كتبنا فى مصــــرنا محذرين ... من المؤسف أن صحفى مصرى مقيم فى أمريكا يكتب و يهتم و يحذر منذ أكثر من 6 سنوات بينما فى مصـــر نيام .. نيام -
عزيــــزى القارئ أرجو أن تتعب نفســـك و تقرأ :
- حوار مع السفير إبراهيم يســـرى
- حوار الفريق ســوار الذهب : أتمنى أن تزول الحدود بين مصــــر و الســـودان
- ثقافة الهزيمة .. السودان أرض مصرية
- ثقافة الهزيمة .. موسم الهجرة إلى الجنوب ...

بالرابط التالى

www.ouregypt.us

ma 3lina said...

بنى آدم
حاضر يا باشمهندس مش حسيح. هيييه .. فين أيام البريل والسيد أحمد عبد الجواد، مش كله دلوقتي اللي بيشرب شاي بالياسمين.