Thursday, February 24, 2011

النظام لم يسقط ومبارك لم يرحل بعد

كتب أيمن شعبان :

.......

برغم ذلك النجاح، وتلك الثقة في مواصلة النجاح، يؤلمني أن أقول إن نظام مبارك لم يرحل بعد. بل مازال يحيا بيننا، وفي أغلب ممارستنا اليومية، نعم سقط نظام مبارك السياسي، ولكن لم يسقط النظام الاجتماعي والنظام القيمي، والموروثات التي زرعها نظام مبارك في المجتمع على مدار نحو 30 عاما من حكمه، فمازال المرتشون يفتحون أدراجهم، ومازالت الفوضى والعشوائية هي الحاكم في [تصرفاتنا في الشارع].

مازال الانتهازيون يمارسون هواياتهم في استغلال المواقف، ومازالت المخدرات تنهش في عقول الشباب المصري، ومازالت الألفاظ البذيئة تملأ شوارعنا، والتحرش ... لم يرحل بعد، ومازلنا نحتكم للأقوى، ومازال علماؤنا يقفون في أواخر الصفوف، ومازال هناك من يبكون على رحيل مبارك.

.........

فلن يمكننا القول إن [الثورة] نجحت بحق، إلا إذا تخلصنا من موروثات الحكم [السابق التي زرعها فينا طوال ثلاثين عاما] ، عندما نحترم جميعا الشرعية، عندما يضع كل منا نصب عينية نموذج للمدينة الفاضلة ونحيا بداخله، مجتمع يكره الرشوة ويحاربها، مجتمع يقدس العمل ويحترم النظام العام، مواطنون يقدسون قيمة الوقت ويحافظون على مواعيدهم، مجتمع يحترم كل منا [فيه] الآخر، شباب لا [يتلفظ] بالبذيء من القول، ويتعامل مع كل فتاة في الشارع على أنها شقيقته واجب عليه حمايتها واحترامها

.......

لن تنجح الثورة طالما مازلنا لا نعرف لسلة المهملات سبيلا، وطالما لا نفهم معنى إشارات المرور، وطالما لا نفرق بين رصيف المشاة وبحر الطريق، [وأبواب الصعود والهبوط .. وغابت عنا كلمة "من فضلك" لمن طلبنا منه معروفاً وكلمة "شكرا" لمن أدى لنا معروفاً] .. وطالما مازال منا من يعق والديه ولا يصل رحمه، وطالما مازال فينا من لا يرحم ضعيفنا ويوقر كبيرنا.. [وطالما كان فينا من يهدر المياه والكهرباء ويعبد المال ويفعل من أجله كل شيء .. ويعشق السلطة ويفعل لأجلها كل شيء] .. لن تنجح الثورة مازال فينا وبيننا من لا يحسن معاملة جاره، ومن لا تفهم كيف تربي أولادها [وتتبع خطى المطربين والمطربات وترتدي ما يكشف أكثر مما بستر].

فيا شباب الثورة، ويا كل أب وكل أم تعالوا نكمل الثورة، ونجعلها ثورة لتغيير كل سيء وقبيح وخاطئ، ثورة نابعة من معتقد [ومن إيمان]، يغذيها يقين [بالحاجة الملحة والحتمية إلى التغيير].. علموا أبناءكم وبناتكم أن يكونوا ثوارا حقيقيين، يقدسون دينهم مسلمين كانوا أم مسيحيين أو غير ذلك، يحبون وطنهم، يعشقون الفضيلة، يمقتون البغض [والجدال] والمشاحنة، يلزمون الحق ويهوون الخير والجمال، يقرضون الشعر، ويتغنون بحب الوطن ...

تعالوا نجعلها ثورة على الظلم، وعلى الفساد، نجعلها ثورة ضد [أنفسنا]، نخلصها من كل قبيح سواء كان فعلا أو قولا، أو سلوكا، أو معتقدا، نطهر ذواتنا بقدر ما نقدر من خطاياها تجاه الوطن والآخرين، نجاهد أنفسنا كي نكون مواطنين صالحين، آباء قادرين على قيادة الدفة، امهات قادرات على تنشئة جيل قادر على تحمل مسئولية الغد، شباب محب لوطنه جاد في حياته، مصرا على خدمة نفسه ووطنه، علماء لا يكلون أو يملون من أجل بناء نهضة علمية للوطن، عمال مخلصون في عملهم، زراع مكدون في زرعهم وحصدهم.. تعالوا جميعا نحاول أن نكون مواطنين بحق.. وأجزم أنه لو غيرنا [قيمنا] وبدأنا المحاولة حينها يمكننا أن نقول أن الثورة نجحت بحق، وأن النظام [السابق] قد سقط بالفعل.

نقلا عن مصراوي [معدلاً]