تسعدني وتبهجني فكرة أنك تقف في الطابور مثلي ومثل عامة الناس، اشعر معها بالأمن والسكينة وأشعر معها بالمساواة بين الجميع لا لصفة سوى أننا جميعا اشتركنا في وصف إنسان، استشعر بوقوفك في الطابور أن هناك أمل في دنيا أفضل لا يتخطى فيها كائن من كان رقبة أخاه لمجرد أنه يتميز عنه بأنه صاحب منصب أو نفوذ أو ابن أو قريب لفلان أو لأنه يمتلك ما لايمتلكه الأخرون.
قد يفطن الأذكياء لما لا يخفى من كون هؤلاء ما وقفوا في الطابور إلا كجزء من دعايتهم الانتخابية، لأنهم يزعمون أنهم سيكونوا أنصاراً للحق والضعفاء، وما كان لمنتصر للحق أن يبخس الناس حقوقهم ويتخطاهم، وما كان لنصير الضعفاء أن يدهسهم بقدمه .. نعم لكنهم لم يكونوا وحدهم في الطابور فقد وقف فيه غيرهم.
قد يقول قائل إن هؤلاء لهم مكانتهم العلمية ولابد أن يكونوا قدوة للناس ومثالاُ في الخلق يحتذي به وإلا ضاعت هيبتهم ومكانتهم .. لكنهم لم يكونوا وحدهم في الطابور فقد وقف فيه غيرهم هاني رمزي .. يسرا .. خالد صالح .. ليلى علوي قد يقال: إنهم الفنانون محل النقد والاتهام والتشهير، فهم على سمعتهم وأنفسهم أخوف. ولكنهم لم يكونوا وحدهم في الطابور بل كان في الطابور غيرهم ... فقد وقف في الطابور " واحدة رائعة رفضت رفضا باتا إنها تسيب الطابور وتذهب مع زوجها لأول الطابور بعد ما جاب إذن لها لأنها مريضة وتقوله لأ أنا مش تعبانة زيي زي الناس ". ووقفت هذه المرأة التسعينية في الطابور وغيرهم ... قد يكون الأمر هيناً عند الكثيرين لكني أراه عظيماً، فأمر عظيم فعلا أن نترك ذلك الموروث الثقافي الذي نحمله في جيناتنا والذي يأبى معه كل واحد فينا أن يقف في الطابور حتى يحين دوره، ويرى أن وقوفه خلف آخر جاء قبله انتقاصاً لا يستساغ، هذا الموروث هو نفسه الذي يجعل راكب السيارة يملأ الدنيا ضجيجاً إذا ما تجرأت السيارة التي أمامه وتعطلت، أو توقفت لأي سبب كان. ويجعل كل واحد منا يقف في أي طابور لا يهنأ له بال ولا يرتاح إلا وهو يسعى بكل ما أوتي من حيلة لأن يتخطى من أمامه، إما بالرشوة أو الواسطة والمعارف، وإما بالاستعطاف واستجداء الأخرين وإما بمحاولات اقناع الواقفين أنه صاحب حالة خاصة تختلف عنهم وتجعله جديرا لئن يكون في أول الصفوف. |
Monday, December 12, 2011
في الطابور
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment