Sunday, May 29, 2011

زواج صديقي


صديقي العزيز :

بينما أنت على بعد أيام من بداية جديدة لحياتك لما تنتقل الجمعة القادمة - إن شاء الله - من دنيا العزوبية إلى حياة الزوجية، اهدي إليك هذا البوست تعبيراً عن السعادة في هذا الحدث وتوثيقاً له في مدونتي.

لعلك تذكر - يا صديقي العزيز - لما كنا نتسائل عمن يا ترى سيكون أول المتزوجين من بيننا - نحن المشتركون في نفس العمر تقريباً - ومن يا تري سيكون آخرنا؟ .. فأول أسباب السعادة في مشروعك الغالي - يا صديقي - أنه وإن لم تكن الأسعد لتكون أولنا زواجاً فأنك على الأقل لست الأخير.

والزواج - يا صديقي العزيز - كما تعلم آية من آيات الله تبارك وتعالى أي أنه معجزة، وأنت عندما تنتقل هذه النقلة ستدرك عظمة وجمال وسحر هذه المعجزة. ولعلك قد أدركت البعض من هذا حتى الآن وعلمت أنه مع ما في مشروع الزواج من تنغيص ومعاناة إلا أنه فيه من السحر والجمال ما لا يخفى عليك.

ولعلي أجد هذا السحر في أنك ترى نفسك وقيمتها في عيون الآخرين، ترى قبولك عندهم، ترى جدارتك، ومكانتك ومدى استحقاقك .. طبعاً أعلم أنك تحظى بكل التقدير من والديك وأصدقائك وزملائك في العمل ولكن شتان بين تقدير وتقدير، فالوالدان ومهما كبرت فأنت بناظريهما الأبن والولد أما الصديق فمهما عز فأنت بالنسبة له صديق، اما الآن فالتقدير ينبع من كونك رجل .. يا صديقي أنت رجل.

التقدير الذي أعنيه - ولتعلم حجمه - هو الذي يجعل أبوان يدفعا إليك ابنتهما لتحتفظ لهما بها وهي أغلى عندهما من الدنيا وما فيها وهما بذلك راضيين سعداء يفتخران بذاك الدفع، ظنهما بك الخير وأنك ستحافظ على ابنتهما وتسعدها، ومهما قد ظهر ويظهر من خلافات بينكم فتذكر - يا صديقي - أنهما قدماك على غيرك من أقرانك فلم يثمنا لابنتهما غيرك ولم يقدرا غيرك فنلت أنت منهما هذه المكانة والتقدير، وبموافقتهما عليك قد اعتبراك جدير .. أنت يا صديقي الآن رجل جدير.

لقد رءا في ارتباطك بابنتهما مكانة لها راقية بين البنات كما يحب أبوان لابنتهما ويرضيا، كما رءا في هذا الارتباط تشريفاً لعائلتهما بين العائلات ولولا ذلك لما وافقا .. أرأيت نظرتهما إليك ومكانتك عندهم اختياراً منهما وليس إجباراً ؟ وانت تعلم إن الموافقة عادة لا تتم من الأبوين وحسب بل تتم بالمشورة والسؤال .. الخال والعم والأخ والأخت .. الكل يقول رأيه فيك يا صديقي والنتيجة إجمالاً هي أن الجميع رأوك الشخص المناسب لابنتهم ولعائلتهم فهنيئاً لك يا صديقي فأنت رجل جدير مناسب.

وهذه البُنية التي ارتضت أن تفارق أهلها وبيتها وحياتها بكافة تفاصيلها وأركانها لتبدأ حياة جديدة مع شخصك الكريم .. هل تدرك جمال وسحر أنها ارتضت ذلك معك أنت لا مع غيرك ؟ .. هل تدرك جمال أنها تركت وغادرت وتخلت من أجلك ؟ هل تعلم أنك على الميزان رجحت كفتك على كل ما عداك ؟ .. هل تدرك أنها تغاضت عن كل عيوبك - وهي بالمناسبة كثيرة - لأنها وجدت فيك مزايا ودين وخلق حسن يفوق كل هذه العيوب .. فأدركت أنك تستحق .. أنت الآن يا عزيزي رجل جدير مناسب يستحق.

أتدري أنها الان تخطط من أجلك وترتب لأجلك ؟ .. يا عزيزي .. صدق أو لا تصدق أنت الان محور خطة إحداهن ومحل اهتمامها .. فهي تفكر الآن كيف تكون حياتك هانئة سعيدة .. ماذا عليها أن تفعل لتسعدك وماذا عليها أن تتجنب لترضيك .. لعلك تقول هي فترة وتمر وتعود هي كامرأة مثل باقي النساء .. تعود لتنشغل بأهلها وأولادها ونفسها وتهمل وتترك وتتخلى. لكني أقول لك حتى لو كان ما تقول .. فيكفي أن تتنعم سنوات أو شهور أو حتى أيام بنعمة السكن التي يفتقدها كثير غيرك، فمن حقك أن تذوق مثل هذا النعيم وحلاوته واستبشر خيراً وتفائل فلا تدري لعله بفضل الله عليك يدوم.

لقد قررت هذه البُنية طواعية وبكامل قواها العقلية أنك من تريد أن تمضي باقي عمرها معه .. تجدها تختار ما تختار أنت وتجيب ما تسألها إليه فلا يخفي عنك منها شيئ ولا يحجب عنك منها سر .. لقد أحبت وجهكم الكريم حتى أنها قررت - وياللعجب - أنه الوجه الذي تريد أن تستيقظ فتراه كل يوم، لقد رأتك غائباً تحفظك ومريضاً تعالجك ومسناً ترعاك، رأتك أباً لأولادها وجداً لأحفادها ورفيقاً في رحلاتها، رأتك أباً وابناً وأخاً وصديقاً وحبيباً فأحبت ذلك كله ورضيت به .. فلما كان هذا الرضا وهذه القناعة اختارت أن تكون إلى جوارك أنت لا غيرك.

استمتع يا صديقي بنعمة الله عندما تشعر باقبال زوجتك عليك وثقتها فيك وطمأنينتها وأنت إلى جوارها، وما أجمله من شعور تدرك معه قيمتك لما تراها لا تأمن إلا في وجودك ولا تتكأ إلا عليك .. تفتقد وجودك فتبحث عنك وتسعى إليك .. تثق فيك فتطلب منك وتتبع طريقتك وتوكل إليك القيادة راضية مطمئنة .. أنت توجه وتقرر وترسم وتقود وهي ترضى أن تكون منك بمنزلة الوزير من الملك، تنتظرك في غيابك وتشغل وقتها بأن تعد لك ابتسامتها إذا ما دخلت عليها وتعد لك الكلام إعداداً، وتعد لك ظاهرها وباطنها، وطعامها وشرابها، وتعد لك مفاجآتها التي ادخرتها لك وحدك.

استمتع يا صديقي بهذه اللحظات عندما تستيقظا معاً وتأكلا معاً وتشربا معاً وتشتريا معاً وتشاهدا معاً .. هذه ال (معاً) القوية التي لا يستطيع أحد أن يقطعها عليكما ولا أن يدخل فيها أثناء أي شيء تفعلانه معاً ...

لن أزيد فأذكر لك ما ستناله من سعادة لا توصف ومن نعمة لا تقدر بثمن عندما يرزفكما الله بالذرية وأرجأ لهذا الحديث وقت آخر أسأل الله عز وجل أن يكون لك قريباً واسال الله أن تظلا معاً دائماً سعداء تنعمان بكل خير وأن يحفظكما ويحفظ بيتكما ويبارك لكما وعليكما ويجمع بينكما في خير .. واسأل الله أن يصب عليكما الخير صباً ولا يجعل عيشكما كدا.

No comments: