Sunday, July 24, 2011

البروسيسور


أصبحت مساحات عقلي التخزينية عاجزة عن توفير مساحات إضافية لاستيعاب هذا الكم المتدفق من المعادلات التي يصنعها عقلي (المعالج) لكل حدث يدور من حولي، وحتى الآن لا أجزم بأن المعالج (البروسيسور) أصابه الخلل وفقد قدرته على معالجة البيانات، وإنما المشكلة الرئيسية والواضحة - بالنسبة لي على الأقل - أن البروسيسور تأتيه بيانات متضاربة من بيئة النظام ورغم أنه منذ زمن بعيد قد رفع شعار "ما علينا" خصيصاُ لمثل هذه الحالات كإحدى الوسائل النفسية من عينة "أنا طويل واهبل مش قصير قزعة" إلا إن هذا المعالج لم يمتثل للشعار ويصر على تحليل هذه البيانات المتضاربة والوصول لتفسير والخروج بنتيجة مهما تكن شريطة أن تتماشى مع قواعد العمليات المنطقية.

وبرغم وضوح المشكلة أمامي وعلاجها المتمثل في تحديث هذا البروسيسور لكبح جماحه أو تحويله لوضعية الاستعداد - Sleep - أو فصله تماماً عن بيئة النظام إلا أنني على ما يبدو في هذا السن المتأخر عاجز عن عمل أي آبجريد للبروسيسور أو إحداث تغيير في التكنولوجي.

الناس يصفونني بطولة البال الشديدة والهدوء في التعامل وهم أنفسهم الذين يصفونني بضيق الصدر والعصبية وهم أيضاً من يتعجبون من صبري الشديد عند قيادة السيارة فلا اصيح لبهلوانات الطريق وكل ما افعله أني بعد نفس عميق أواصل حديثي وكأن شيئاً لم يكن. والناس ايضاً هم الذين يعيبون علي الحدة المبالغ في عظيم الأمور ودقيقها. وهم أيضاً الذين يمدحون مهاراتي في التدريس وصبري على الطلبة حتى تصل المعلومة وعلى معالجة أخطاء الأكواد وهم أيضاً الناس الذين يعيبون علي استعجالي وعدم استيعاب الآخرين.

هذا الكم من المدخلات المتناقضة يجعل أي بروسيسر في الدنيا يهنج ولا شك وهو يتسائل أنا مين في دول ؟ ولكن عقلي وياللعجب يستمر بإصرار في محاولة معالجة هذه البيانات ويستمر ويستمر حتى يخرج بنتيجة حتمية تزن المعادلة وهي أني بلا شك مصاب بازدواج الشخصية أو تعددها، فأجد في هذا مخرجاً ظريفاً وفرصة واعدة لكي يستريح عقلي قليلاً فأرضى بأن أكون مريضاً عقلياً والناس كلهم من حولي على صواب عسى أن يكون هذا سبباً في إشفاقهم علي وعطفهم على عقلي بحرمانه من أمثال تلك البيانات المتضاربة.

ولكنهم أبداً لا يحرموني من فيض بياناتهم ويرون أني قادر على استيعاب المزيد ... وبالبرغم من إعاقتي العقلية !!!

يستمرون في إقناعي بأنهم فعلوا هذا الفعل لأجلي ومن أجل مصلحتي مثل هذه الطيبة أمي حفظها الله، وحقيقة أنا لا أناقش جدية هذا الدافع من عدمه بل على العكس فإني أقبل به وأسعد به على حاله دون تحري أو تدقيق، لكن ما يحير فعلا أنه وبعد دورة من الزمن يقوم هذا الفاعل من أجل مصلحتي بعمل معاكس تماما لما فعله أولاً، فأرضى بفعلته وأقبل ولا أعاتب ولا أناقش إلا قليلاً، ثم هو يعنفني على هذا القليل ويحدثني أنه ما فعل هذا الفعل الثان إلا بناء على رغبتي ومصلحتى. فأتعجب وأسكت وللمرة الثالثة وبعد دورة زمنية أخرى يعود بطلنا بعمل ثالث يختلف جملة وتفصيلاً عن فعله السابق وطبعاً إذا حاورته يقول: ما فعلت إذ فعلت إلا من أجلك أنت .. فمصلحتك أولاً.

أرى الناس يتعاملون مع موقف من هذه النوعية بردة فعل أقصاها التعجب لما يرى فعلاً مخالفاً تماما للقول فيمصمص شفتيه مردداً الدور القديم : "اسمع كلامك اصدقك اشوف أمورك اتعجب"، لكني لا اتوقف عن حدود التعجب بل اتعداه لمحاولة يائسة بائسة لربط الفعل مع الكلام دون تكذيب مدخلات عيني - الفعل - أو تكذيب مدخلات أذني - الكلام - .

أقر واعترف أن المشكلة ليست في تضارب أفعالهم وأقوالهم فنحن بشر ولابد من خزعبلة هنا وتهييسة هاهنا .. وأقر بأن المشكلة عندي لأنني أحول هذه الأفعال إلى مدخلات ولا اقبل بيها كأفعال مجردة بل أقوم بتحويل كل صغير وكبير من حولي إلى معادلة أراها ولابد أن تكون متزنة، ويا ويلي إن لم تكن فعندها سأبذل كل جهدي لاجعلها متزنة، أزيد عامل محفز هنا أو افترض وجود عامل خارجي هنا عسى أن يكون ذلك سببا في ضبط المعادلة.

أسمع كثيرا أن المريض النفسي إذا عرف مرضه فقد قطع نصف الطريق نحو العلاج، لكني لا أظن أن هذه القاعدة تنطبق علي لأني ببساطة معقدة اضعها في معادلة تنص على أني لو كنت اعرف مشكلتي وتشخيصها فإنني حقاً لست بمريض لإذن فإني اصنع ما انا فيه بملئ إرادتي, لأعود واقول أنا ما تتحمله سيليكونات عقلي لا يمكن لبشر أن يختاره إلا إذا كان مريضاً نفسياً.

هذا الهطل والعبث الذي أفعله يستهلكني عصبيا ونفسياً لأجد نفسي في النهاية وحيدا مع معادلاتي اللامتناهية في كل طريق، عاجزاً عن التواصل مع البشر إلا في صورة قفزات وهم عاجزون عن فهمي واضعين إياي في فرامات العصبية والحدة وعدم التقدير بل والتعقيد أو السطحية والتحبيك أو حتى الجنون.

عجيب فهذا البوست كنت سأحكي فيه عن معادلة محددة تتعلق بعملي، لكني استطردت في هامش الكلام واستهلكت جميع مساحة البوست في غير هدفه فخرج على هذا الوضع الغير مفهوم.

2 comments:

بني آدم said...

لا يمكن أن نفكر كما يفكر الإخرون لذلك لا ينبغي أن نتعجب من فعلهم و إنا لو عشنا و عاشرناهم في كل ما يمرون به إلا أنه لابد من تواجد فروقات تؤدي إلى إختلاف تصرفاتهم عن فهمنا لهم
كما أننا لا نفهم غيرنا فإن غيرنا لا يفهمنا (بيقولوا عليك هادي و تاني يوم يقولوا يااه عصبي جداً) فا طنش و عيش تاكل قراقيش
لو فيه إطار يلم جوانب الحياة فالأفكار و الأفعال العشوائية هتتنظم في إتجاه واحد مفهوم و بناء زي فكرة الليزر كده

ma 3lina said...

بني آدم
يعني إيه؟ .. مفيش فايدة ؟؟ امال فين لتعارفوا ؟؟ .. كل وسائل الاتصال الموجودة دي ومش عارفين نوصل لفهم بعض ؟؟

الصراحة .. أنا مش فاهم ايه علاقة الليزر بالموضوع بس فهمت نقطة القراقيش دي
:)

تحياتي يا باشمهندس