Sunday, November 20, 2011

كيف خدع الشيطان العابد ؟



جاء في إحياء علوم الدين للغزالي رحمه الله:

وفي الإسرائيليات أن عابدا كان يعبد الله دهرا طويلاً فجاءه قوم فقالوا: إن ههنا قوما يعبدون شجرة من دون الله تعالى. فغضب لذلك وأخذ فأسه على عاتقه وقصد الشجرة ليقطعها، فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال: أين تريد رحمك الله ؟
قال: أريد أن أقطع هذه الشجرة.
قال: وما أنت وذاك تركت عبادتك واشتغالك بنفسك وتفرغت لغير ذلك.
فقال: إن هذا من عبادتى.
قال: فإنى لا أتركك أن تقطعها.

فقاتله فأخذه العابد فطرحه إلى الأرض وقعد على صدره فقال له إبليس: أطلقنى حتى أكلمك.
فقام عنه فقال إبليس: يا هذا إن الله تعالى قد أسقط عنك هذا ولم يفرضه عليك وما تعبدها أنت وما عليك من غيرك ولله تعالى أنبياء في أقاليم الأرض ولو شاء لبعثهم إلى أهلها وأمرهم بقطعها.
فقال: العابد لا بد لى من قطعها.

فنابذه للقتال فغلبه العابد وصرعه وقعد على صدره فعجز إبليس فقال له: هل لك في أمر فصل بينى وبينك وهو خير لك وأنفع؟
قال: وما هو ؟
قال: أطلقنى حتى أقول لك.
فأطلقه فقال إبليس: أنت رجل فقير لا شىء لك إنما أنت كل على الناس يعولونك ولعلك تحب أن تتفضل على إخوانك وتواسى جيرانك وتشبع وتستغنى عن الناس ؟
قال: نعم.
قال: فارجع عن هذا الأمر ولك على أن أجعل عند رأسك في كل ليلة دينارين إذا أصبحت أخذتهما فأنفقت على نفسك وعيالك وتصدقت على إخوانك فيكون ذلك أنفع لك وللمسلمين من قطع هذه الشجرة التى يغرس مكانها ولا يضرهم قطعها شيئا ولا ينفع إخوانك المؤمنين قطعك إياها.

فتفكر العابد فيما قال وقال: صدق الشيخ لست بنبى فيلزمنى قطع هذه الشجرة ولا أمرنى الله أن أقطعها فأكون عاصيا بتركها وما ذكره أكثر منفعة فعاهده على الوفاء بذلك وحلف له.

فرجع العابد إلى متعبده فبات فلما أصبح رأى دينارين عند رأسه فأخذهما وكذلك الغد ثم اصبح اليوم الثالث وما بعده فلم ير شيئا فغضب وأخذ فأسه على عاتقه فاستقبله إبليس في صورة شيخ فقال له: إلى أين ؟
قال: أقطع تلك الشجرة
فقال: كذبت والله ما أنت بقادر على ذلك ولا سبيل لك إليها.
فتناوله العابد ليفعل به كما فعل أول مرة. فقال: هيهات. فأخذه إبليس وصرعه فإذا هو كالعصفور بين رجليه وقعد إبليس على صدره وقال: لتنتهين عن هذا الأمر أو لأذبحنك.

فنظر العابد فإذا لا طاقة له به قال: يا هذا غلبتنى فخل عنى، وأخبرنى كيف غلبتك أولاً وغلبتنى الآن ؟

فقال: لأنك غضبت أول مرة لله وكانت نيتك الآخرة فسخرنى الله لك وهذه المرة غضبت لنفسك وللدنيا فصرعتك.


- إهداء للخائفين من ضياع الانتخابات -

No comments: