هما كلمتين ورد غطاهم، غير ذلك اسميه الحوار الشجري - من الشجر أو الشجار تنفع من الاتنين - ، حيث يعرض فيها أحد الطرفين وجهة نظر في موضوع ما، فيعيب عليه الطرف الآخر وجهة نظره من ناحيتين ناحية أولى وناحية ثانية، فيرد عليه الطرف الأول أن بالنسبة للناحية الأولى فليست كما يظن للأسباب ( أ ) و ( ب )، أما ما قصدته من الناحية الثانية فهو ( ج ) و ( د )، فعندها يرد الطرف الآخر بأن السبب ( أ ) واهي لأنه مبني على واحد واتنين وتلاتة ، والسبب ( ب ) .... ، فيقاطعه الطرف الأول: انا أرفض اتنين هذه لأني بينتها من قبل لك في ردي على الناحية الثانية لما تكلمت على ( ج ) ، فيرد الطرف الآخر ..... في مسند الإمام احمد، عن عبد الرحمن بن أبزى قال: كنا عند عمر فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إنا نمكث الشهر والشهرين لا نجد الماء. فقال عمر: أما أنا فلم أكن لأصلي حتى أجد الماء. فقال عمار: يا أمير المؤمنين تذكر حيث كنا بمكان كذا ونحن نرعى الإبل فتعلم أنا أجنبنا. قال: نعم. قال: فإني تمرغت في التراب فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته فضحك وقال: كان الصعيد الطيب كافيك وضرب بكفيه الأرض ثم نفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وبعض ذراعيه. قال: اتق الله يا عمار قال: يا أمير المؤمنين إن شئت لم أذكره ما عشت أو ما حييت. قال: كلا والله ولكن نوليك من ذلك ما توليت. ليس أمراً حتمياً أن يستمر الحوار إلى أن يقتنع أحد أطراف الحوار بوجهة نظر الطرف الآخر، وأنا يتفقا في النهاية، فلا اتفاقهما في أمر ما يجعلهما أحبة، ولا اختلافهما بالضرورة يجعلهما أعداء. ويكفيك في الحوار أن تعرض وجهة نظرك وتتكلم، ويعرض الطرف الآخر وجهة نظره وتستمع، ثم ينتهي الحوار عند هذا الحد، وفي أسوأ الأحوال إذا لزم الأمر يمكن إضافة جولة أخرى على أن لا يزيد الأمر أبداً عن هذا الحد. في البداية والنهاية، قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن قدامة الجوهري، حدثني عبد العزيز بن يحيى، عن شيخ له قال: لما قدم عمر بن الخطاب الشام تلقاه معاوية في موكب عظيم، فلما دنا من عمر قال له: أنت صاحب الموكب ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: هذا حالك مع ما بلغني من طول وقوف ذوي الحاجات ببابك ؟ قال: هو ما بلغك من ذلك. قال: ولم تفعل هذا ؟ لقد هممت أن آمرك بالمشي حافيا إلى بلاد الحجاز. قال: يا أمير المؤمنين إنا بأرض جواسيس العدو فيها كثيرة، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يكون فيه عز للاسلام وأهله ويرهبهم به، فإن أمرتني فعلت، وإن نهيتني انتهيت. فقال له عمر: يا معاوية ما سألتك عن شئ إلا تركتني في مثل رواجب الضرس، لئن كان ما قلت حقا إنه لرأي أريت، ولئن كان باطلا إنه لخديعة أديت. قال: فمرني يا أمير المؤمنين بما شئت. قال: لا آمرك ولا أنهاك. فقال رجل: يا أمير المؤمنين ما أحسن ما صدر الفتى عما أوردته فيه ؟ ! فقال عمر: لحسن موارده ومصادره جشمناه ما جشمناه. كثرة الجدال وطوله يضيع المعنى ويعيق وصول الحقائق للآخرين، لتعدد المواضيع والنقاط المتفرعة وارتفاع احتمال الوقوع في الخطأ والزلل، وما يسببه من ضيق في الصدر وما يتبع ذلك من ربط اللسان، لذلك خشى موسى إذا جادل فرعون وملأه أن يضيق صدره فلا ينطلق لسانه، وأسوأ المحاورين من ينطلق لسانه وصدره ضيق. في مجمع الزوائد للهيثمي، عن خوات بن جبير قال: نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران، قال فخرجت من خبائي فإذا نسوة يتحدثن فأعجبني فرجعت فاستخرجت عيبتي فاستخرجت منها حلة فلبستها وجئت فجلست معهن فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أبا عبد الله. فلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم هبته واختلطت. قلت: يا رسول الله جمل لي شرد وأنا أبتغي له قيدا. فمضى واتبعته فألقى إلي رداءه ودخل الأراك كأني أنظر إلى بياض متنه في خضرة الأراك فقضى حاجته وتوضأ وأقبل والماء يسيل من لحيته على صدره فقال: أبا عبد الله ما فعل شراد جملك ؟ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني في المسير إلا قال: السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد ذلك الجمل ؟ فلما رأيت ذلك تعجلت إلى المدينة واجتنبت المسجد ومجالسة النبي صلى الله عليه وسلم فلما طال ذلك تحينت ساعة خلوة المسجد فخرجت إلى المسجد وقمت أصلي وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حجره فجاء فصلى ركعتين خفيفتين وطولت رجاء أن يذهب ويدعني فقال: طول أبا عبد الله ما شئت أن تطول فلست قائما حتى تنصرف فقلت في نفسي والله لأعتذرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبرئن صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما انصرفت قال: السلام عليك أبا عبد الله ما فعل شراد جملك. فقلت: والذي بعثك بالحق ما شرد ذلك الجمل منذ أسلمت. فقال: رحمك الله ثلاثا ثم لم يعد لشيء مما كان. ما تقوله أنت يرفع عن الآخر جهالة الأمر ويرفع عنك أثم ترك النصح والتبيان، وما يقوله الآخر يرفع إلى الله، وسيرى الله عمله ورسوله ثم يرد إلى عالم الغيب والشهادة فينبئه بما كان يعمل، وليس لك من الأمر شيء، وما عليك إلا البلاغ الواضح، فوكل السرائر إلى الله، ولا يضرك أن تكون أول الساكتين. |
Thursday, October 20, 2011
اتكلم .. اسمع .. اسكت
Tuesday, October 18, 2011
ارفع راسك فوق .. إنت عصبي
يبدأ يوم عملي عادة بمجموعة من الأحمال الشاقة، تبدأ بمجاهدة رغبة الاستمرار في النوم والأنتخة وأخذ اليوم أجازة، ثم المحاولات المضنية لنقلي من حالة الاستيقاظ إلى حالة الصحيان والتي غالبا تبوء بالفشل ولايظهر لها أي أثر إلا بعد مرور ساعات، ثم إجراء بعض المعادلات الحسابية لاختيار وسيلة المواصلات الأنسب التي تتناسب مع حالة اللا نوم واللا صحيان اللي أنا فيها، وأخيراً رحلة الوصول إلى العمل وبداية اليوم. في ذلك اليوم انتقلت إلى مرحلة الصحيان أسرع من المعتاد لموقف حرق دمي وقلب فكري، فبعد أن وصلت إلى عملي بأكثر من نصف ساعة تقريباً، اتصل بي زميلي ليخبرني بأن اليوم أجازة لي، وأنه يأسف حيث كان يعلم الخبر من يومين ولكنه تأخر في إبلاغي !!. قلت له: لا بأس، .. لكن خلاص انا جيت ومش معقول ارجع تاني وياريت تبلغ الإدارة إني حضرت اليوم للعمل وأنك نسيت تبلغني عشان ما يتحسبش عليا، وياريت تراعي إن الموقف دا ما يتكررش تاني. سكت قليلاً، ثم قال: على فكرة إنت اسلوبك حاد جداً وبتتعصب من غير داع وبتعمل من الحبة قبة، والصديق من صدقك وأنا بصدقك القول إنت كده أكتر واحد حيتعب في حياته من الطريقة دي وحاول إنك تكون مرن شوية عن كده و ...... أوك أنا عصبي وشرير وماكينة حرق دم .. مفيش مشكلة واتفهم جداً، لكن مش دا الموقف المناسب لذكر شروري وآثامي وأفعالي البغيضة، الموقف الآن إن فيه واحد أهمل في حق زميله، وأنا اتخذت موقف حاد كرد فعل على خطأه في حقي، والتصرف - الذي أراه طبيعياً هنا - إنه إكمالاً لاعترافه بخطأه وتفعيلاً لاعتذاره عليه أن يقدر سبب غضبي وحدتي ويسكت، لا أن يتهمني بأني أغضب ! ، لكنه أبداً لم يفعل. لماذا نتوقع دائماً من الآخرين الصفح وغفران أخطائنا في حقهم، بينما نتجاهل أنهم كانوا أيضاً يتوقعون منا ألا نخطأ بهذا الشكل تجاههم، ولماذا نتفاجئ بحدتهم وعصبيتهم أمام اعتذارنا ولا نقدر مفاجآتهم بإهمالنا لحقوقهم، وكيف نستخرج مشاعر السماحة من الآخرين ونحن لا نقدّر بقية مشاعرهم ونصر إصراراً على إن موضوع الخطأ مش مستاهل وإنهم عصبيين زيادة عن اللزوم وعاملين من الحبة قبة ومكبرين الموضوع. الغريب هنا تناقض وكوميدية أسلوبنا وطريقتنا ونحن ندعي الحلم والصبر على عصبية من لم يصبر على آذانا له، بينما نتبع طريقة " آخر واحد يتكلم يبقى هو الكسبان "، فاتكلم وقول أي حاجة، رد على اللي قدامك وأوعى تسكت له وإلا تبقى خسرت، ولو سكت وخسرت أي حوار تبقى خسرت كيانك وشخصيتك وأهميتك وعزتك وكرامتك ودنياك وآخرتك، قول أي حاجة، جيب الشرق مع الغرب، ما تقولش " أنا مقتنع بكلامك " و " معاك حق " أبداً إلا لو كنت حتقول بعدها " لكن " أو " بس ما تنساش إن " أو " على فكرة إنت مش واخد بالك من " وبعدها ابقى حط أي كلام يلخبط وعايم ومالوش علاقة بالموضوع، مش مهم أرمي الكرة في ملعبه وما تكونش أنت اللي يسكت. ولو مش لاقي كلام تستمر فيه في النقاش والحجة غلبتك، اعمل زي صاحبنا فوق وإياك أن تسكت .. طلع في اللي قدامك أي عيب، حتى لو العيب دا مالوش علاقة بالحوار، وحتى لو أنت اللي غلطان، هو يعني اللي قدامك دا أحسن منك، ليكن لك في فرعون أسوة لما نبي الله موسى قال له قولاً ليناً، رد فرعون وقال { أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف:52]. بلاش فرعون، ليكن لك في فئام من سواقين الميكروباص أسوة، لما يخبط عربيتك وهي واقفة أصلاً، وينزل من العربية يقول لك : " مش تفتح يا بني أدم، أنت إيه ما بتشوفوش، فيه حد يركن عربيته كده !!! "، أيوا صوتك أمانة، لو مش حتاخد الناس بالصوت يبقى أنت خاين للأمانة، ومش بتحافظ على النعمة اللي ربنا عطهالك. المهم أن الحوار يستمر ويستمر وأنك لا تكون أول الساكتين فهذه فضيلة انقرضت لا تناسب عصرنا، وأعلم أن الحوار المبني على نظرية " كلمة ورد غطاها " لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا العريقة، والنفوس العصبية التي تضيق بالحوارات السرمدية هي التي تحمل كل العيب والخطأ، ولا تقدر قيمة أفكارنا وثراء أطروحاتنا. |
Friday, October 14, 2011
الخطة دي سي
بسم الله العزيز الحكيم الوصف بنود خطة الاختفاء والابتعاد عن الجميع، وتغيير الحياة بكل ما ومن فيها والبحث عن بداية جديدة لكل شيء. السبب عند التهنيج من كل شيء وكل حد، وعندما يصل التهنيج إلى ذروته لابد من عمل ريستارت. الإجراءات 1 - تسييل الأصول، بيع كل ما يمكن بيعه: كمبيوتر، لاب توب، خاتم، عربية، ساعة، ....... 2 - تصفير وإغلاق حساب أي بنك إضافي وتحويل كل السيولة لحساب بنكي واحد فقط. 3 - إلغاء اشتراكات الموبايل واليو اس بي مودم والايميلات والفيس بوك ولينكيد إن. 4 - التفاهم مع الوالدين وتفسير غيابي المنتظر بوجود عمل لمدة شهرين خارج المدينة وتوضيح أن التليفون لايعمل وقيامي بالاتصال بهم كلما اتيح لي ذلك. 5 - تجهيز شنطة هاند باج صغيرة فيها أقل ما يمكن من الاحتياجات الشخصية. 6 - تجهيز الأوراق الرسمية التي قد يحتاج إليها، شهادات الميلاد القديمة والحديثة، شهادة الجيش، شهادة الثانوية العامة والبكالوريوس والدبلومات، الشهادات الدولية، البطاقة، الفيزا، كارنيه النقابة، البطاقة العلاجية، البسبور ....... و 500 جنيه سيولة. 7 - الاستيقاظ متأخراً والتوجه لمحطة القطار، حجز تذكرة في أول قطار يخرج من المحطة أيا كانت وجهته، وركوب القطار حتى نهاية الخط وحجز تذكرة في أول قطار يخرج من المحطة - طبعاً ما يكونش راجع :) . 8 - تكرار حجز التذاكر حتى الوصول إلى نقطة الخروج من اللوب. 9 - يمكن الاستغناء عن النقطتين السابقتين بتحديد مدينة في أي محافظة من البداية ونخلص بدل الدوشة دي كلها. 10 - الخروج إلى المدينة المختارة والبحث عن فندق للإقامة. 11 - مع أول صباح في المدينة ابدأ في البحث عن أي عمل بأي راتب. 12 - بمجرد الحصول على عمل يتم البحث عن مكان للاقامة، شقة صغيرة جدا إيجار جديد ويشترط هدوء المنطقة وقربها من العمل. 13 - شراء ملابس جديدة. 14 - الاتصال بالوالدين للاطمئنان عليهم وطمئنتهم واخبارهم ان اقامتي بعيدا ستطول. 15 - البداية الجديدة ملحوظة النقاط تعبر عن احتمال إضافة بنود أخرى فيما بعد. ملحق #1 يمكن تغيير محطة الوصول إلى قرية بعيدة عن العمران أو دولة خارج مصر حسب توقيت تنفيذ الخطة مع إضافة بند خاص بتصريح السفر. |
Subscribe to:
Posts (Atom)