والتانية ... إحنا الغلابة

أيوه إحنا الغلابة اللي بندي الشرعية .. هو يعني إيه شرعية ؟؟؟ في سنة 1919 طلب سعد زغلول من سلطة الاحتلال البريطاني في مصر الأذن للذهاب لمؤتمر الصلح بعد الحرب العالمية الأولى والمنعقد في 28 يونيو 1919 بباريس للمطالبة باستقلال البلاد فرفضت بريطانيا وقامت بنفي سعد زغلول إلى جزيرة مالطة وبعد نفي سعد زغلول ورفاقه .. خرجت جموع المصريين لتعلن غضبها من نفي سعد زغلول وكانت هذه الغضبة بمثابة الشرعية له ولرفاقه ليكون المتحدث الرسمي باسم الشعب المصري .. وتحت ضغط الثورة العارمة اضطرت قوات الاحتلال للإفراج عن سعد والسماح له بتشكيل ما عرف بالوفد المصري لتتحدث باسم جموع المصريين في مؤتمر باريس .. وكانت لجنة سعد عندها تستمد شرعيتها مباشرة من الشعب المصري وبينما سعد في باريس في أكتوبر 1919 أعلنت بريطانيا عن عزمها إرسال لجنة برئاسة اللورد ملنر وزير المستعمرات البريطانية لبحث المطالب المصرية .. اتذكر شرح استاذ عثمان مدرس الدراسات الاجتماعية لنا في المدرسة الإعدادية وهو يشرح لنا مقصد هذه اللجنة في نزع الشرعية التي اكسبها الشعب للجنة سعد .. كان بيقول لنا استاذ عثمان .. لو الشعب أو الحكومة برئاسة محمد سعيد باشا رئيس الوزراء اتعاملت مع اللجنة دي يبقى سعد مش المتحدث الرسمي باسم المصريين ويبقى هناك جهة تانية شرعية هي اللي بتعرض مطالب المصريين وهي جهة الحكومة لتصبح الجهة الشرعية المخولة لها الحديث باسم المصريين .. والشعب المصري كان من الوعي والذكاء من زمان مش زي ما بيزعم أشاوس الحزب الوطني .. من امثال نظيف لما قال إن الشعب المصرى يحتاج إلى قدر أكبر من النضج حتى يتسنى له ممارسة الديمقراطية الشعب المصري فطن للمكيدة البريطانية .. ورفض التعامل مع لجنة ملنر وأعلن سعد زغلول من باريس مقاطعتها، وهبت الأمة بكاملها إلي مقاطعة اللجنة. وطلب محمد سعيد باشا رئيس الوزراء عدم مجيء اللجنة وإلا فإنه سيستقيل وفعلاً استقال سعيد باشا. جميع طوائف الشعب قاطعت لجنة ملنر وأعلنت أن لجنة سعد هي الوحيدة التي لها الشرعية للحديث باسم المصريين ويتندر المصريون بالحكاية ان لجنة ملنر كانت تسال احد الفلاحين .. فكان يجيب على كل سؤال بقوله : اسأل سعد باشا .. حتى لما سألوه عن شيء في الزراعة قال : اسأل سعد باشا .. وفيه حكاية تانية انهم سألوا أحد الباعة الجائلين عن سعر بضاعته فأجابهم : اسألوا سعد باشا هي دي الشرعية .. شرعية السلطة المستمدة من الشعب .. مش من انقلاب الجيش ولا تزييف الانتخابات ولا الوراثة .. والجهات التي تصل للحكم بهذه الوسائل جهات غير شرعية .. وغير مخول ليها أنها تقيم تعديلات دستورية ولا ترعي نظام يكون فيه للمعارضة صوت السلطة الشرعية فقط هي اللي ليه الحق في إقامة حياة برلمانية والدعوة لانتخابات أو استفتاء أو تعديل دستور .. ولها الحق أن تطالب الشعب الذي أعطاها هذه السلطة ليذهب ليدلي بصوته فيما تدعو إليه .. أما الإقبال على صناديق اقتراع جهات غير شرعية بعيدة كل البعد عن مطالب الناس هو عبث وتهريج .. والمشاركة في عملية تديرها جماعة الحزب الوطني هو مشاركة في عملية خداع العالم وإيهامه أن في مصر عملية ديمقراطية تمارس فيه المعارضة دورها بكل حرية .. يزعمون أن مقاطعة الاستفتاء والانتخابات عموما .. سلبية ... كذلك زعموا وقتها أن مقاطعة الشعب المصري للجنة ملنر سلبية تضر بمصلحة الوطن لكن كان للتاريخ رأي آخر قال أن المقاطعة عمل إيجابي ووعي كامل لأنها أصبغت الوفد المصري في باريس صفة الشرعية ونزعت الشرعية من غيره ومقاطعة استفتاءات الحزب الوطني وانتخاباته المزعومة عمل إيجابي يظهر أمام العالم أن هذه الحكومة لا تحكم إلا نفسها ولا تمثل إلا نفسها الاستفتاء اللي جاي حيتزور زي ما انتخابات مجلس الشعب اللي قبليه اتزورت وزي انتخابات رئاسة الجمهورية اللي قبليها اتزورت .. وزي ما الاستفتاء اللي قبليه اتزور ... هي دي الإيجابية ؟؟؟ .. إني ادخل ارفع نسبة التصويت في انتخابات تشرف عليها وتديرها جهات غير شرعية هم لا ينتظروا رأي الشعب فالنتيجة محسومة .. ولكن يريدوا تصوير العملية للعالم وكأن ما يحدث هو استفتاء نزيه .. ويستغلونا لذلك ... إلى الزاعمين بأن المقاطعة سلبية .. لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين .. ما بالكم تلدغون مرات عديدة ولا تبالون قاطع الشعب المصري لجنة ملنر وحتى حفلات العشاء التي كان يقيمها المعتمد البريطاني تمت مقاطعتها تماما من السياسيين الذين حددوا أيضا الزعيم سعد زغلول للتفاوض والحديث..وفشلت لجنة ملنر في تحقيق أهدافها. جاء في تقرير اللجنة الخصوصية المنتدبة لمصر (لجنة ملنر) : أما الجرائد الوطنية فكلها ماعدا القليل النادر منها أفرغت جعبتها فى القدح والتعريض منادية بأن كل اعتراف باللجنة يؤوَل بكونه رضى عن الحالة الحاضرة، وأن كل مصري تكون له علاقة بأعضائها يرتكب جناية خيانة الوطن. واتفقت كلمة معظم الكتاب طبعا لمقتضى ذلك على أن سعد زغلول باشا المقيم بباريس هو الوكيل الذي أنابه الشعب المصري عنه، فالأولى باللجنة مفاوضته في الأمر. وأضرب صبيان المدارس والمحامون وعمال الترام عن العمل، كل فريق منهم في دوره وجعلوا يخرجون في مواكب ينضم إليها الصبية من تلامذة المدارس والغوغاء ويطوفون في الشوارع وهم حاملو الأعلام ويصيحون بأعلى أصواتهم بالدعاء على اللجنة وخصوصا اللورد ملنر، ويهتفون بالدعاء لزغلول باشا والاستقلال التام لمصر